نوري المالكي وتبليط البحر
    
  لاتهمني أسباب زيارة نوري المالكي الى طهران، إن كانت زيارة خاصة أو بدعوة رسمية، أو بإستدعاء للتنبيه والتوبيخ، أو محاولة لتجميل صورته ورفع معنويات مؤيديه المنهارة بعد ردود الأفعال الجماهيرية الغاضبة التي واجهها خلال زيارته الأخيرة لعدد من المحافظات جنوب العراق، أم للإستجداء والتوسل، أوللتسول و طلب التزكية لتولي مهمة قيادة الحشد الشعبي، أو لإستغفال البعض وإبعاد الشهبات والإتهامات عنه في المستقبل، أو لمحاولة إفشال مبادرة عمار الحكيم الداعية للتسوية الوطنية، أو لتأخيرها الى حين يبتغيه، أو لإسقاط حكومة العبادي أوللإطاحة بمقتدى الصدر.لاتهمني بقدر ما يهمني أن نتكلم بالصوت العالي ونسمي الأشياء بمسمياتها، فنحن نعلم جميعاً ان المالكي الشخصية السياسية الأكثر خبثاً وكذباً، والأخطر في الساحة السياسية العراقية، لايمثل الشيعة في العراق، وعلى الرغم من تزويره للانتخابات بالمال الذي استحوذ عليه من قوت الفقراء وتوظيفه لوسائل إعلام وفضائيات وجيش من الصحفيين ومواقع الكترونية مشبوهة ونواب إنتهازيين، فانه لم يكن يوماً ناطقاً بإسم الشيعة، ولا يستطيع تحقيق حلمه في الولاية الثالثة. والذي يهمني أكثر إنه خرج علينا من هناك بتصريحات وقحة جادت به قريحته المزاجية ضد الكورد وضد إقليم كوردستان، داعياً البيشمركه الى الإنسحاب من المناطق الكوردستانية التي هرب منها الجيش العراقي بكل ماكان يملك من سلاح متطور وعتاد وإمكانات ضخمة أمام ثلة عفنة من الإرهابيين وسلمها لهم على طبق من ذهب.
 نوري المالكي على قناعة تامة بأن الجرائم الكثيرة التي إرتكبها بحق الشعب والوطن وبسسب الفشل الذريع في إدارة الدولة وبسبب هدر المال العام واستغلال السلطة لمنافع المقربين منه، لن تمر دون عقاب، وسيتعرض آجلاً أم عاجلاً الى المساءلة والمحاكمة وسيحكم عليه بالسجن لمئات السنين والإعدام لعشرات المرات، لذلك وبدلاً من إعتزال السياسة والإنزواء والإختفاء عن الأنظار أو حتى الإنتحار، يحاول أن يستغل الخلافات السياسية وأن يدق الآسفين بين الشيعة والشيعة، والسنة والسنة، والكورد والكورد. وفي هجماته وهجمات رهطه على الكورد والبيشمركه يقولون إنهم يقصدون الحزب الديمقراطي الكوردستاني والرئيس مسعود بارزاني فقط وليس كل الكورد، وينسون أن البيشمركه ملك وحبيب وحامي إرادة وتطلعات الشعب الكوردستاني، وأن الرئيس مسعود بارزاني رئيس كل الكوردستانيين. كما انهم (المالكي وأتباعه) يعولون على المواقف التملقية لبعض الكورد وعلاقاتهم الشخصية معهم. ولكن قادة للبيشمركه، وأعضاء بارزين في الأحزاب الكوردستانية ونواب في البرلمان العراقي ومواطنين كوردستانيين، قطعوا الشك باليقين حيث قالوا المالكي وأمثاله، سيشنون هجمات على أراضي كوردستان، إذا امتلكوا السلطة، وهذه ليست المرة الاولى التي يطالب المالكي فيها قوات البيشمركه بالإنسحاب من المناطق الكوردستانية التي حررتها قوات البيشمركه بدمائها. وقالوا: من أخرج الكورد سابقاً من تلك المناطق هم أشخاص من أمثال المالكي (في اشارة الى صدام الأرعن ونظامه البائد), وقالوا: ما يتحدث عنه المالكي ليس إلا ضرباً من الخيال. وأضافوا: إذا أراد أمثال المالكي أستخدام القوة, فان قوات البيشمركه ستتعامل معهم كتعاملها مع داعش, لكننا نأمل أن لا يحدث ذلك, وان لا ندخل مرةً أخرى في مواجهات مع قوات عراقية. وتابعوا: يجب أن يتحلى القادة العراقيون بالعقلانية, وأن لا يدخلونا في حرب اخرى, لكن يجب أن نرد على المالكي بالمثل, وأن نقول له انك فعلت كل ماكان بامكانك ان تفعله ولم تحقق شيئاً، يجب ان تفهم بأن ما تفعله هو تماماً كما فعله صدام سابقاً, لهذا فإن مصيرك لن يكون أفضل من مصير صدام.
ما ذكروه تؤكد بالأدلة الدامغة بأن للكورد وكوردستان سياسة إستراتيجية ثابتة مع الآخرين كثبات جبال كوردستان، وستبقى كذلك مهما تغيرت الوجوه السياسية وتحت مختلف التسميات، أما التبريرات التي يطرحها المنتفعون من المنافقين السياسيين اللاهثين وراء المنافع الشخصية والقابعين تحت حماية البعض منها والمتنعمين بإمتيازاتها لهم، فإنها نكث للقسم وغدر بمن أمّنهم على شؤونهم.  
  وعودة إلى عنوان المقال، المالكي وتبليط البحر، نقول: لا نحتاج إلى الكثير من النباهة لتفسير الأمور، فإعلامه الأحمق دشن لعبارة تقول أن السيد الخامنئي وجهها لنوري المالكي وهي ( التاريخ سيسجل بصماتك في التاريخ العراقي)، هذه العبارة أصدق عبارة نسمعها من إعلام المالكي والمالكيين عموماُ، لو كان قد قالها السيد الخامنئي أو لم يقله، لأن التاريخسيسجل بصمات الخراب والدمار للحرث والنسل والفساد والسلب والنهب الممنهج للمال العام في عهده، ويسجل تسليم ثلث العراق للمجاميع الإرهابية، ويسجل ان العراقيين دفعوا دماء أبنائهم جراء سياساته غير الحكيمة. ومع ذلك كله فإن تلك العبارة تعني أن المالكي أصبح من الماضي، وما يفعله من ضوضاء وضجيج من أجل العودة الى سدة الحكم ليس إلا محاولة لتبليط البحر، فهل يمكن تبليط البحر؟؟