الحياء قطرة وليس سطلة!

 

 

هل من حياء لدى هذه الحكومة الطائفية؟ هل من احترام لذاتها؟ هل من احترام للإنسان عندها؟ هل من احترام للمجتمع الذي تحكمه بأسوأ الأساليب؟ هل من احترام لنصوص الدستور الذي اقرته ذات القوى الحاكمة؟ هل من احترام للدولة على ضعفها وهشاشتها وفاقة هشاشة القائمين عليها فكرياً وسياسياً؟ كل الدلائل تؤكد بما لا يقبل الشك بأن هذه الحكومة لا تعرف الحياء ولا تفهمه، وإلا لقدمت الحكومة بكامل أعضائها استقالتها بسبب ما حصل ويحصل يومياً ببغداد. إن لم تكن الحكومة، أو بعض أطرافها المتنفذين المالكين للمليشيات الشيعية المسلحة، ضالعة في ما يجري بالبلاد، وأن لم تكن  هي من يقف وراء اختطاف الصحفية العراقية أفراح شوقي،  الاختطاف الذي أثار فيها الرعب بصفاقة المختطفين وعدوانيتهم وكرههم للإنسان والحرية والحياة الديمقراطية والتي لا مثيل لها إلا في هذا العراق المبتلى بهؤلاء الأوباش الذين اختطفوا أفراح شوقي، فمن هم أذن من قام بهذا الفعل الدنيء والتجاوز على الدستور؟ قال العراقيون والعراقيات منذ القدم: إن الحياء قطرة واحدة، وليس سطلة حياء!

يرجو البعض من الحكومة أن تتابع الأمر وتكشف عن الخاطفين، وهم على حق طبعا، ولكن يذكرني هذا الموقف بالمثل الشعبي الكربلائي الذي يقول "لا ينتظر من بارح مطر، ولا من شفاثة عافية" (بارح هو فصل الصيف ولا من شثاثة عافية بسبب مياهها المالحة التي كانت تؤذي صحة الإنسان وتسبب انتفاخ البطن الهالك، وشفاثة أو شثاثا هي قرية أو مدينة صغيرة تابعة لعين التمر وجزء من محافظة كربلاء).

حادثتان حصلتا في الآونة الأخيرة تؤكدان تورط قوى في الحكومة بهذا الاختطاف، حادث اختطاف مدير فندق بغداد، وحادث اختطاف افراح، دع عنك الاختطافات والقتول السابقة وربما اللاحقة، إضافة إلى تهديدات وصلت لكتاب عراقيين من ميلشيات شيعية تهدد بالاختطاف والقتل في حالة الهجوم على أحد اقطاب النظام البارزين المتورطين بما حصل ويحصل للشعب العراقي من مآسي وكوارث واحتلال واغتصاب في محافظة نينوى أو ما حصل في المحافظات الغربية العراقية، بأن هذه المجموعة من المسلحين التي اختطفت أفراح شوقي هي جزء من جماعة تعمل كميليشيا أولاً، ولكنها في الوقت ذاته تشكل جزءاً من سلطة الحكومة الراهنة، أو من تيار فاسد وإرهابي فيها، يمارس الاختطاف لمن يريد ومتى يشاء، ويهدد من يريد ومتى يشاء، ويقتل من يريد ومتى يشاء، وليس هناك من يتصدى له أو يحاسبه! فهؤلاء فوق القانون وفوق الدولة، ويشكلون دولة داخل الدولة الهشة وقوات مسلحة إرهابية داخل قوات الدولة!!

أيها العراقيون والعراقيات، إن الفاعل ليس بعيداً عن الحكم الطائفي القائم، وإلا لماذا لم يتحرك رئيس الوزراء بعد أن سمع ما قالته أفراح شوقي بجرأة نادرة في المؤتمر الصحفي يوم أمس 4/1/2017؟ ولماذا لم يتحرك الادعاء العام والقضاء العراقي، ليمارس واجبه الدستوري إزاء إنسانة شريفة دافعت عن حرمة الجامعات والكليات والمدارس العراقية التي يحميها الدستور، وكما طالب به الكاتب الأستاذ عدنان حسين في مقاله العمود في جريدة المدى يوم 4/1/2017 والكثير من المناضلين الشجعان بالعراق.

إن هذه الأساليب الإرهابية القمعية، التي كانت تشكل جزءاً من أساليب وأدوات صدام حسين، هي السائدة حالياً بالبلاد، وهي المنشودة من جانب أغلب القوى الإسلامية السياسية الحاكمة، بهدف نشر التطير وبث الرعب في صفوف كل الكتاب والصحفيين وكل الصحف العراقية التي تتجرأ وتنشر النقد الموجه للحكومة أو لأطراف فيها أو لرئيس الوزراء السابق المسؤول الفعلي عن الحشد الشعبي، أو نقد الحشد الشعبي ذاته والمليشيات المتطرفة الإرهابية الفاعلة بالعراق.

إن من واجب كل الناس الشرفاء بالعراق أن يرفعوا صوت الاحتجاج والاستنكار لما حصل ضد السيدة أفراح شوقي من جانب الجماعة الإرهابية النتنة التي قامت بالاختطاف والتحقيق معها، وتصوير التحقيق لعرضه على من أرسلهم لممارسة هذه الاختطاف، ولبث الرعب في نفس هذه المرأة والصحفية الفاضلة والأمينة على مصالح شعبها وإرادته الحرة المسلوبة، أن يطالبوا بتقديم هؤلاء الأوباش ومن يقف خلفهم ويحميهم إلى المحاكمة العاجلة، إن كان النظام ذاته، أو جزء منه، غير متورط بهذه الجريمة البشعة، أو إن كانت للحكومة وأحزابها قطرة حياء.