أنتمْ مُخطئون فلا ترموا بعضكم بحجر؟!!

 

لكي نكون صادقين مع أنفسنا ووطننا وتأريخنا وديننا وأجيالنا , لا بد من الإقرار بأن الجميع وبلا إستثناء قد أخطأ , و "الإعتراف بالخطأ فضيلة"!!

 

جميع الأطراف أخطأت , وتخبطت وتورطت , وتفاعلت بإنفعالية وعدم إدراك ووعي بما يدور في العالم , وما يرتبط بالوطن والمواطن , وخطيئتها الكبرى وإثمها الأعظم , أنها غيّبت الوطن , وألغته من وعيها الجمعي , وتمترست في خنادق الويلات الفئوية.

 

الأحزاب كافة أخطأت , والفئات والمذاهب وكل مَن وضع عمامة على رأسه , وكل مَن جلس على أي كرسي مهما كان حجمه.

 

المجتمع بألوانه وأطيافه وأديانه وتوجهاته وتفاعلاته وسلوكيات أبنائه , أخطأ!!

القِوى الإقليمية والعالمية والمجاورة أخطأت أو إستثمرت في الأخطاء!!

 

نعم تلك حقيقة المأساة القائمة, ولابد من مواجهة النفس , وعدم الإنزلاق بالملاومات والإتهامات , والتفاعل بآليات النكران والإسقاط وعدم الشعور بالمسؤولية , وعلى الجميع الإعتراف بما إرتكبه من أخطاء!!

 

"الإعتراف يهدم الإقتراف" حديث نبوي

 

"مَن نسيَ خطيئته إستعظم خطيئة غيره" علي بن أبي طالب

 

"أعظم الذنوب ما استخف به صاحبه" علي بن ابي طالب

 

الجميع مخطئ ومذنب ولا مناص من مراجعة السلوك والأفكار والتصورات وآليات التفكير , وأن يجلس الكل على مائدة الإعتراف بالخطأ , والتوجه بقلب وطني واحد , لرسم خارطة طريق ترعى المصالح الوطنية المشتركة.

 

وعلى الجميع أن يفكروا بآليات وطنية , لا تشوبها المنغصات الأخرى , ويتفاعلوا بإيجابية للوصول إلى رؤية سياسية جامعة مانعة , تخلص البلاد من أسباب الويلات والتداعيات.

 

إن الإعتراف بالخطأ وعدم التخندق بمواقف وتصورات دفاعية , والتوهم بأن هذا الطرف نزيه وذاك فاسد ومتهم , وهذا الشخص كذا وذاك كذا , لهو الطريق الأصلح الذي سيأخذ البلاد والعباد إلى برّ الأمان والرقاء والسلام.

 

قد يقول قائل أن ما تقدم ضرب خيال , لكن التأريخ يقول بأن مجتمعات كثيرة قد مرّت بأصعب مما مرّت به مجتمعاتنا , لكنها واجهت نفسها ورسمت مسيرة مستقبلها بمداد المصالح الوطنية , والعقد الإجتماعي الضامن لجميع الحقوق الإنسانية مهما تنوعت وتعددت.

 

والمطّلع على التأريخ الحديث , يرى ذلك واضحا في الصين واليابان , وأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية , وأوروبا الشرقية في مرحلة التسعينيات من القرن العشرين.

 

فالمجتمعات تمرّ بمراحل عصيبة ومصيرية , لكنها تتكاتف ولا تتفرق , وتتعاون ولا تتصارع , فتؤسس لآليات الإنتصار على ما أحاق بها.

 

"وتعاونوا على البرّ والتقوى , ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" المائدة : 2

 

 "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" البقرة : 185

 

"ولابد لليل أن ينجلي

ولابد للقيد أن ينكسر"

 

وذلك بالعزيمة الوطنية الإنسانية المتحدة , فلنكن بمحبة الوطن إخوانا , ولنبدأ مسيرة التصحيح والبناء والأمل والرجاء , و "لابد أن يشرق الضوء في آخر النفق" , وتلك حكمة الحياة , وإرادتها المتوّجة بالتواصل والبقاء!!