تجار تحت خط الفقر

في لقاء مفتوح مع عدد من القيادات الإعلامية والنخب الاكاديمية والفكرية أقامه المركز العراقي للتنمية الإعلامية مؤخرأ مع وزير العمل والشؤون الإجتماعية محمد شياع السوداني وقائد عمليات بغداد اللواء الركن جليل الربيعي لفت نظري حديث صريح من قبل كلا المسؤولين بشأن ما يصح قوله "معاناتهما" كل في مجال عمله. السوداني تحدث بإسهاب عن قضية رواتب شبكة الحماية الإجتماعية وحجم الفساد الذي طال هذه النافذة التي يفترض إنها لصالح الفقراء والمعوزين, في وقت بدأت الوزارة إجراءات جديدة للحد من حجم هذا الفساد.
  وبينما إستخدم السوداني لغة الأرقام بشان أعداد الفئات المستفيدة من هذا النظام وحجم الأموال المرصودة له برغم الضائقة المالية التي تمر بها الدولة, لكن ما لفت أنظار الحاضرين أن هناك ليس فقط من هو لايستحق راتب شبكة الحماية الإجتماعية كونه من الموسرين بل هناك ماهو "أقمش" من ذلك حيث تم إكتشاف أن هناك تجار لديهم تعاملات تجارية حتى في الصين ومقاولين وصاغة ذهب وموظفين وجدت أسماؤهم مسجلة ضمن رواتب شبكة الحماية الإجتماعية. وفي المرحلة الأولى من حملة إعادة النظر في حجم الفساد بهذه الرواتب تم إستبعاد 15 الف واحد من هؤلاء.

يحصل ذلك في وقت أعلنت فيه وزرة وزارة التخطيط، وفي آخر إحصائية لها صدرت أمس الإثنين  ان عدد المطلقات والارامل في عموم العراق بلغ نحو مليوني مطلقة وارملة حسب نتائج مسح الامن الغذائي الذي نفذه الجهاز المركزي للاحصاء خلال عام 2016. ووفقأ للبيان الصادر عن الوزارة فإن هذا المسح لم يشمل  محافظتي نينوى والانبار وكذلك قضاء الحويجة في محافظة كركوك وقضائي بيجي والشرقاط في محافظة صلاح الدين بسبب الظروف الامنية فيها. في سياق ذلك تتباين مستويات خط الفقر في العراق بين ماتعلنه الجهات الرسمية التي تستند في الغالب على إحصائيات مبنية على مسوحات ميدانية وبين ما يتم إعلانه من قبل المنظمات والهئيات الدولية بالقياس الى المستويات العالمية لخط الفقر.
وطبقا لوزارة التخطيط أيضا فإن مستوى خط الفقر في العراق وطبقأ لآخر مسح تم إجراؤه عام 2014 إنخفضت الى نحو 22% تقريبا نسبة الى سكان العراق البالغ عددهم آنذاك 36 مليون نسمة. لكن بعد إحتلال تنظيم داعش لعدد من المحافظات العراقية فقد تباينت هذه النسبة تباينا حادأ بين المحافظات التي وقعت تحت سيطرة هذا التنظيم والمحافظات الأخرى سواء الوسطى أو الجنوبية. فاليوم مثلا حيث يبلغ سكان العراق نحو 37 مليون نسمة مع عدم وجود إحصاء سكاني حتى الآن فإن نسبة خطر الفقر تتراوح بين 41% للمحافظات الغربية و31% للمحافظات الجنوبية و13 % في بغداد و12% في إقليم كردستان وهو ما يعني ان نحوربع سكان العراق يصنفون ضمن مستوى خط الفقر.. أي نحو 8 مليون نسمة. وإستنادا للمعدلات العالمية فإن المبلغ الذي يتوجب ان يعيش فيه هؤلاء هو 105 الف دينار شهري يتضمن حد الكفاف في المعيشة. اما "معاناة" قائد عمليات بغداد فلنا عودة لها في عمود مقبل.