الكهرباء...استثمار أم خصخصة
 
البارحة ولأكثر من ساعتين وأنا أقرأ ما يسمى بعقد استثمار الكهرباء (إدارة وتشغيل وصيانة وجباية وتأهيل شبكة توزيع كهرباء ذي قار) وهو نموذج من العقود التي أبرمتها-أو تريد ابرامها- وزارة الكهرباء مع عدد من المستثمرين ومنهم شركة هملايا في ذي قار، والعقد بغض النظر عن تفاصيله وبغض النظر عن عدم وضوح الكثير من فقراته وأهمها كيفية حساب الرسم-اطلعت على تفسيرين للسعر للمنزل مثلاُ بمكيف عدد 2 وأجهزة أخرى كمثال نتيجة أحدهما لا تشبه الاخر! ولا يوجد تفسير واضح في نص العقد أو ملحقاته-وبغض النظر عن عدم وجود ما يكفي لضمان حقوق المستهلك وهو الطرف المتضرر في الموضوع ووضع نسبة 5% فقط كنسبة لرضا المستهلك ضمن معايير تقييم العمل لاحقاً!
أقول بغض النظر عن ذلك فإن تسميته "عقد استثماري" كذبة والبدء بكذبة دليل على وجود أمور يُراد إخفائها فكما تم قبل أكثر من 11 سنة خصخصة قطاع الاتصالات في العراق بصمت وتحت مسمى "تشكيل هيئة إعلام واتصالات" لإدارة القطاع في حين إن العملية اقتصادياً هي خصخصة يصطلح عليها "اسلوب تنظيم القطاع" ونحن نعيش الآن ثمار فشلها!
فكذلك تم تسمية عملية الخصخصة هذه لقطاع الكهرباء بـ"عقد استثماري" في حين هي "خصخصة إدارة"!
فلماذا عدم الوضوح هذا؟!
ولمصلحة من يتم التلاعب بالمصطلحات هكذا؟!
فلنكن واضحين مع الناس ولنقل إن هذه خصخصة وإننا نروم خصخصة قطاع الكهرباء.
بحسب علمي لا توجد تجربة خصخصة لقطاع الكهرباء في دولة ما بهذا الاسلوب "خصخصة الإدارة" ولجزء من العمل فقط وهو الجزء الأهم في العلاقة بين القطاع والمواطن، فكل تجارب الخصخصة في العالم خصخصت القطاع بأكمله "انتاج، نقل ، توزيع"، وأغلب تجارب الخصخصة في قطاع الكهرباء قادت للضرر على المواطن على المدى البعيد رغم إنها انتجت في الغالب توفر الكهرباء ولكن بكلفة مضاعفة عدة مرات على المواطن، وهناك شرط مهم من شروط الخصخصة مفقود في العراق حالياً ألا وهو استقرار البلد سياسياً وأمنياً، فما الضامن لأن تنتج هذه العملية توفر الكهرباء غير وعود الوزارة التي أخلت مع المواطن وعودها ولازالت منذ 13 سنة؟!
وما الضامن إن هذا الموضوع لن يكون محل مساومة بين المتنفذين وإنه مشمول بشروط التوافق والمحاصصة؟!
فإن تم تنفيذه فهل سنرى من يقول إن خصخصة قطاع الصحة مثلاً حصة الجهة الفلانية أو المكون الفلانية؟!
تجربة مستعجلة جداً وغير مدروسة وتتطلب إعادة نظر في الكثير من جوانبها وهي هروب من المشاكل وتحميل للمواطن مسؤولية دفع ثمن الوزارة في حل مشاكلها.