نفق العراق المعتم: الطائفية والفساد والإرهاب! |
إذا ما أحسست أنك في نفق معتم، عليك عدم الاستسلام إذ أن هناك طريقاً للخروج منه" ستيفن هوكنغ الثلاثي الذي يهيمن على الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية العراقية الحالية: الطائفية والفساد والإرهاب، شبيه بذلك الثلاثي الذي عانى العراق منه في ظل الدولة العثمانية وما بعدها لسنوات غير قليلة، ثلاثي الجهل والفقر والمرض. ولكن الثلاثي الجديد التحم منذ سنوات، ويتفاقم يومياً، بالثلاثي القديم حيث يشكل الجهل أساسه وقاعدة ما يبني عليه السياسيون الكاذبون والمخادعون والمناورون لاستمرار الهيمنة الراهنة على السلطات الثلاث بالبلاد رسمياً وتهديد السلطة الرابعة بالويل والثبور والاختطاف والقتل يومياً، إذا ما انتقدت بعض أو كل التجاوزات الحاصلة على الإنسان والمجتمع بالعراق. الأرقام التي تنشرها وزارة التخطيط العراقية-الجهاز المركزي للإحصاء- يشير بما لا يقبل الشك إلى الأوضاع المزرية والمتفاقمة، إلى النفق الطويل المعتم الذي دخل فيه العراق منذ بدء الاحتلال وبدء توزيع السلطات الثلاث على أسس طائفية وأثنية مقيتة ومدمرة لوحدة العراق، وقيام أحزاب "إسلامية سياسية طائفية" أعلنت منذ البدء، وعلى رؤوس الأشهاد، سياساتها ومواقفها الطائفية الدنيئة بالممارسة العملية الفعلية، باقتسام السلطات الثلاث على أسس طائفية مروعة وطاردة للوطنية والمواطن، ومؤكدة على سيادة الهويات الفرعية القاتلة لوحدة الشعب وحقوقه وواجباته. وأرقام أخرى لم تنشر ولكنها معروفة ومنشور بعضها وهي مرعبة حقاً، منها مثلاً: الحجم الهائل للنهب غير المتوقف لثروات العراق وموارده المالية على امتداد الدولة العراقية، تفاقم حجم البطالة والذين يعيشون تحت خطر الفقر من العائلات والأفراد، ارتفاع كبير جداً في عدد المطلقات في العامين 2015 و2016، ارتفاع عدد الأرامل الإجمالي وعدد المترملات من النساء يومياً بسبب استشهاد أو قتل الذكور في الحرب أو عبر الإرهاب والاختطاف والموت، واستمرار وجود عدد كبير من مزوري الشهادات الذين ما زالوا يحتلون مراكز مهمة في جهاز الدولة العراقي، ثم الارتفاع الكبير في عدد العمليات الانتحارية والتفجيرية لسيارات مفخخة أو غيرها وعدد الذين يسقطون قتلى وجرحى نتيجة هذه الأفعال الإجرامية. كل هذا وغيره يحصل بالعراق، ومع ذلك فالحكم الذي يقوده حزب الدعوة والتحالف الوطني الشيعي (البيت الشيعي) لا يتورع عن، ولا يستحي من، توجيه قنابل الغاز واستخدام الهراوات والاعتقال لفض الاعتصام، وممارسة التعذيب في التحقيق، لأنهم اعتصموا في ساحة التحرير احتجاجاً على استشهاد شاب لأم ثكلى وعائلة حرمت من ولدها الأخير، في مدينة الثورة على أيدي إرهابيين بتفجير دموي مجرم، في حين إن الاعتصام والإضراب والتظاهر والتجمع هي فعاليات مكفولة للمواطن العراقي والمواطنة دستورياً وعلى وفق القوانين المرعية أيضاً. إن النفق الطويل المعتم الذي يعيش تحت وطأته الشعب العراقي بسبب الحكم الطائفي القائم ومحاصصاته الطائفية المذلة لا بد له أن ينتهي، ولكن لن ينتهي ما لم يدرك هذا الشعب ما يراد له وأكثر مما وقع حتى الآن لينهض موحداً لفتح طريق الخروج من هذا النفق الطويل المعتم الذي تمارس فيه كل المظالم والتجاوزات على حقوق وحريات الشعب. فالظلم إن دام دمر! نحن نعيش تحت حكم ظالم، متجبر ومخادع وفاسد! إن من يريد الخروج من النفق، عليه أن يشمر عن ساعديه لكنس من زوّر إرادة الشعب وشوه حياته وسرق ماله ورفع من عدد المترملات من النساء وعدد الجياع والعاطلين عن العمل ووفر مستلزمات قتل المزيد من البشر بطائفيته وميليشياته الطائفية والإرهابية المسلحة. وليس هناك من قادر على ذلك غير الشعب ومن يعتمده الشعب في قيادة النضال لتحقيق المؤمل والطلوب، أي إقامة دولة مدنية ديمقراطية علمانية واتحادية، دولة تحترم الإنسان وحقوقه وواجباته وتفصل بين الدين والدولة والسياسة وتحتم أتباع كل الديانات والمذاهب وأتاع كل القوميات بالبلاد. |