جلالة الملك فيصل الثاني والعنب المحروق



في اواخر شهر اذار ونهاية شهر نيسان  سنة 1953 تحديدا  رجع جورج وهو صاحب المطعم الموجود في المطار المدني في بغداد (( مطار المثنى حاليا )) من الجزائر قادم بالطائرة الانكليزية من على خط روما – بغداد
وكان جورج قد احضر من الجزائر هدية وفي نيتة تقديمها  الى جلالة  الملك فيصل الثاني وهي  عبارة عن صندوق خشبي انيق وجميل جدا يحتوي عن كيلويين من اصناف العنب  النادرة والفريدة حيث لا يوجد عنب في شهر اذار او نيسان في العراق وهذا الصنف الفريد يعيش فقط في دول البحر الابيض المتوسط   حيث تكون حجم حبة العنب كبيرة  جدا  تصل الى حجم حبة الكوجة الكربلائية  ولونة اسود غامق  وهذا ما لا يوجد في اصناف العنب  المزروعة في العراق كافة  .
نزل جورج من على  الطائرة وبيده الصندوق الجميل لعله ينال اعجاب جلالة  الملك فيصل الثاني بهذا العنب الكبير الحجم وغريب اللون ولكنه تفاجأ بمامور الكمرك  الذي قال له ان دخول هذا العنب الى العراق  ممنوع بموجب قانون زراعي يمنع دخول الحمضيات كافة والعنب من خارج العراق لما تحتويه هذة الحمضيات والعنب على بيوض حشرة البحر الابيض المتوسط وهيه حشرة تعيش على الحمضيات والعنب في تلك البقاع وتودي الى تلف الحمضيات والعنب بشكل كبير .اتصل مامور الكمرك فورا بمدير المحجر الزراعي في المطار وهو المرحوم خضير عبد الرحمن السامرائي الذي حظر فورا واستلم الصندوق الخشبي وكان يروم ب اتلافة فورا لكن جورج اخذ يقول ان هذا الصندوق هو هدية الى جلالة الملك فيصل الثاني وفعلا ذهب جورج والتقط سماعة الهاتف من داخل المطار واتصل على فورة بالقصر الملكي وابلغهم بان هنالك هدية الى جلالة الملك  ولكن  مدير المحجر الزراعي بالمطار سيقوم باحراقها .
 فورا ارسل القصر الملكي موفودا وهو المقدم عبيد عبد الله المظايفي الى المطار ليطلع على حقيقة الامر فاخبرة مدير المحجر الزراعي المرحوم خضير عبد الرحمن السامرائي بان قانون وزارة الزراعة لا يسمح بدخول الحمضيات والعنب الى العراق حفظا لسلامة المنتوج الزراعي العراقي من الاصابة بالافات الزراعية  . فما كان من المقدم عبيد عبد الله المظايفي الا الاتصال بالامير عبد الالة رحمة الله واخبرة بالموظوع فاجابة الامير عبد الالة بالنص الواحد يجب ان يطبق القانون على الجميع من اعلى سلطة الى ابسط فرد في الدولة العراقيية. اغلق المقدم عبيد سماعة الهاتف والتفت  مخاطبا المرحوم خضير بان سمو الامير امر بتطبيق القانون واتلاف الصندوق ومحتوياتة فورا .
استدرك مدير المحجر الصحي مخاطيا موفود القصر الملكي المقدم عبيد  قائلا .....هنالك  حل يا حضرت المقدم وهو نقوم بقطع  وفصل حبات العنب من  الشراميخ لان الحشرة تعيش وتضع بيوضها على الشراميخ وليس على حبات  العنب  لذلك نقوم باتلاف الشراميخ فقط .
اجاب المقدم عبيد لا يمكن ان نخالف القانون وفعلا احظر مدير المحجر الزراعي  مادة النفط وسكبها على الصندوق الخشبي الجميل  وجورج ينظر بعين الحزن على هديتة  التي ستحترق بعد قليل. وفعلا قاموا باحراقها واتلافها حتى لو كانت هذة الهدية مخصصة الى جلالة الملك فيصل الثاني ملك العراق .