مظلومية كربلاء وأهلها في العهدين

 

لقد عانت أرض كربلاء ومن سكنها من الأنظمة التي سيطرة على حكم العراق منذ يوم عاشوراء ، هذا اليوم الذي جعل من كربلاء الشعلة التي تنير الطريق لكل من يريد الحرية والكرامة من بني ألبشر ، فقد تحمل كل من سكن كربلاء الأعباء الثقال نتيجة المهمة الصعبة التي تطوق رقبة كل من تشرف في العيش على تربة الولاية العلوية والأخلاق المحمدية والصفات الثورية الحسينية ، فهو يحمل رغبة الإنسان الى الحياة الحرة الكريمة وفي نفس الوقت عليه أن يكون مثال صادق لثورة ابا الأحرار (عليه السلام) ، بالإضافة الى مجاورته لقبة سيد شباب أهل الجنة (عليه السلام) وقبور أهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) ، هذا الجوار الذي يلهمك الكثير ويغرس بك كل الصفات النبيلة بالإضافة الى الضريبة التي يجب أن تدفع من خلال محافظتك على الرمزية والشعارات والأهداف التي تحيط بهذه الأماكن المقدسة من التهديدات المادية والمعنوية ، وهكذا دفع أبناء هذه المحافظة التضحيات الجسام بسبب انتماءهم الى تربة كربلاء المقدسة ، فقد تعرض ابناء كربلاء الى أبشع هجمة بربرية من قبل البعثيين الصداميين ، فقد امتلأت السجون من شبابهم وشاباتهم وأعدم الألأف من خيرت أبناءهم وهُجرت الكثير من العوائل الكربلائية الى إيران وهرب الأخر الى باقي دول العالم وخصوصاً دول الخليج وحُرب الباقي في عيشه وعمله ، حتى أصبح أبن كربلاء منبوذاً من قبل الحكم العفلقي الجائر وأركانه فلا يوظف في ألوظائف الحساسة والمهمة بل حتى في الجيش لا ينقل إلا للمواقع الخطرة والصعبة ولا يوصنف الى الأصناف المهمة كالطيران أو الصواريخ (ارض-أرض) وغيرها ، وهكذا دفع أبناء كربلاء الضريبة الكبرى والتضحيات الجسام من بين أبناء العراق نتيجة انتماءهم الى تراب هذه المدينة المقدسة وأصغر مثال على هذه التضحيات الجسام والضريبة الكبيرة التي دفعت ما قدمه أبناء كربلاء في الانتفاضة الشعبانية 1991 ضد النظام البعثي الصدامي ، وعندما حدث التغير الكبير وزال نظام العفالقة الإجرامي في عام 2003 فقد جذب ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) العشاق من جميع بقاع العالم حتى أصبحت كربلاء من أشهر مدن العالم بالسياحة الدينية بالإضافة الى الزيارات المليونية التي هزت بقاع المعمورة بأخبارها وما احتضنته من كريم صفاتها ، ومع هذا الرخاء الاقتصادي لهذه المدينة المقدسة والاستقرار الأمني النسبي بدأت هجرة غير منظمة بل عشوائية من جميع محافظات العراق باتجاهها (علماً هذه الهجرة مرحب بها من قبل أبناء كربلاء فالحسين عليه السلام للجميع وأرض العراق للعراقيين) ، وبالإضافة الى الرخاء الاقتصادي فأن الكثير من السياسيين الذين ليس لهم أصول كربلائية قد دفعتهم الأنا الشخصية والسياسية الى جلب الالاف من العوائل من محافظاتهم وتسكينهم في أحياء تجاوز( غير مرخصة من قبل الدولة)  من أجل انتخابهم وهذا عامل مهم وخطير في تضاعف عدد المهاجرين الى كربلاء حتى اصبح عدد المهاجرين أكثر بكثير من سكان كربلاء الأصليين ، ولهذا سلبيات كبيرة وجمة الآن وفي المستقبل .

التقصير الواضح والجلي من ناحية الخدمات التي تقدمها الحكومة لأبناء المحافظة ، لأن الميزانية التي تصرف عليها من قبل الحكومة للعدد الحقيقي لسكان هذه المحافظة الذي لا يتجاوز 750 الف إنسان والساكنين فيها الآن أضعاف هذا العدد فكيف ستكون الخدمة في هذه الحالة ، إذا كانت بالفعل الحكومة تؤمن بأن العراق للعراقيين عليها أن تهيأ هذه المحافظة بشكل فعلي لاحتضان هذا الكم الهائل من المهاجرين ،لأن ليس من المعقول أن يستضيف إنسان في بيته الصغير الذي يتسع لخمسة نفرات ثلاثين إنساناً ، فإذا كان يريد هذا العدد عليه أن يهيأ السبل الكفيلة لاحتضان هذا العدد الكبير وهذا من واجبات الحكومة ، الاضطهاد الحقيقي الذي يعاني منه أبناء المحافظة من الناحية الاقتصادية ، فقد أصبح ابناء كربلاء أقلية في محافظتهم يصعب عليهم الحصول على لقمة العيش نتيجة المنافسة الكبيرة من المهاجرين لهم ، لهذا تلاحظ بشكل واضح أغلب شباب وشابات كربلاء ليس لديهم عمل وإن كان فالعمل وضيع أو نتيجة إمكانيات ذاتية ، وضاعف هذه المنافسة وجود الكم الهائل من أعضاء مجلس المحافظة والمدراء العامين وكذلك القضاة والقيادات الأمنية والمسئولين في مؤسسات الدولة وكذلك المؤسسات الدينية من المهاجرين مما جعل المواطن المهاجر الى كربلاء له الأفضلية في الوظيفة والعمل نتيجة الميول الشخصية (العنصرية) لهؤلاء المسؤولين في توظيف أبناء عشائرهم ومحافظاتهم ، لهذا عندما تدخل في أي مؤسسة حكومية أو مدرسة وكذلك المؤسسات الدينية تلاحظ أغلب العاملين بها من أبناء المهاجرين أو المناطق المحيطة بمدينة كربلاء وإذا كان هناك من أبناء كربلاء فنسبة قليلة جداً حتى أصبح الكر بلائي غريب ومستضعف في مدينته بل تطلق عليه الآن مصطلحات بذيئة كان يطلقها عليه النظام البعثي الصدامي ؟؟؟؟، وأما الاضطهاد السياسي فأن أغلب أعضاء مجلس المحافظة ليس من الكربلائين وحتى من يمثلهم في البرلمان بعضهم ليس من الكربلائين فكيف ستكون المطالبة بحقوق كربلاء وأهلها من قبل أشخاص ليس من أبناءهم ، وإذا أستمر الحال في طريقة الهجرة الغير منتظمة الى هذه المحافظة وبهذا الكم الهائل وتجاهل الحكومة واستغفال أبناء كربلاء المتصدين من تجار وسياسيين ورجال دين نتيجة منافعهم الشخصية والحزبية فسوف ينقرض شيء إسمه الكربلائيون وما يحمل هؤلاء من تراث وتقاليد ولهجة امتازوا بها كما يمتاز إخوانهم من باقي المحافظات بتقاليدهم وتراثهم ولهجاتهم ، فقد دفع أبناء كربلاء ضريبة كبيرة نتيجة حملهم لأسم هذه المحافظة في مختلف العصور الظالمة والدموية فعندما يأتي الخير يأتي الآخرون يحصدونه بهذه الطريقة البشعة التي لم تبقي شيء لأبناء كربلاء فهذا يخالف العقل والمنطق وكل القوانين الوضعية والسماوية ، فهذه أنظمة العالم الديمقراطي قد احتضنت أبناء الأرض الأصليين وأعطتهم بعض المميزات كالهنود الحمر في كندا وكذلك ابناء الخليج في دولهم فلماذا لا يكون هناك بعض المميزات لأبناء كربلاء تجعلهم يحافظون على وجودهم وسط هذا الموج العارم من المهاجرين أو تقنن الهجرة بشكل يجعل أبناء كربلاء يأخذون مكانتهم في محافظتهم حتى يعيشون كما يعيش الآخرون وهذا أبسط حق يجب أن يقدم لهم ، فإذا بقى الحال على وضعه واستمرت هذه الهجرة العشوائية فيكون أكبر اضطهاد تقوم به الحكومة العراقية اتجاه أبناء كربلاء لأنه ينتج عنه تدمير الهوية الكربلائية بالإضافة الى الاضطهاد الاقتصادي والسياسي والثقافي والتراثي أي حرب وجود لكربلاء وأبنائها.