ازمة المهاترات

 

ليس غريباً أن تظهر المهاترات في الساحات السياسية بصورة قوية، وليس عجيباً أن تكون هذه المهاترات منهجاً للسياسي منهم، فهي صارت عندهم وسيلة يروجون لأنفسهم بها، ويجذبون اعداداً كبيرة من الجهلة، ليقفوا خلفهم وينعقوا معهم، وبالتالي كل مايفعلوه سيربحهم الكثير، ومما لاشك فيه أنه سيضر بالوطن أكثر!

تفكير السياسي اللاوطني وهمه يقتصر بكيفية إمكانية كسب أصوات انتخابية أكثر، ولا يهمه ما قد يحدث بسبب مايفعله لأجل هذا، وصارت المشاحنات والمهاترات عند البعض منهم صفة تلاصقهم، ويعرف واحدهم بها، فما إن تجد كلمة إستفزازية من أحدهم، إلا و وجدت الثاني يرد بعشرات الكلمات، وهكذا دواليك.

هذه التصريحات والمشاحنات لم تؤثر على الساحة السياسية فقط، إنما المشكلة بأنها وصلت الى المجتمع، وسببت الكثير من التشنجات بين جمهور هذا الكيان اوهذا السياسي، وبين جمهور ذاك، من المواطنين، مما أدى بدوره الى زيادة التنافر والتناحر بين الجماهير، فيكاد لا يخلوا أي حديث حول السياسة وأهلها بين أشخاصٍ مختلفين بالاراء، من التعصب والعصبية التي تكون أحياناً مفرطة، وقد تصل احياناً الى مشاجرات وزعل، خصوصاً إن كان المناقشون من الجهلة جمهور الجهلة، التبعية!

ولأن اغلب سياسينا يمثلون مكونات مختلفة، صار هذا التنافر أكثر بين مكوناتهم، وزاد من التشنج والتحسس، وهذه التصريحات، وخصوصاً الطائفية منها، أدت الى كره المواطنين بعضهم لبعض، فذاك السياسي ما إن غضب من سياسي يقابله، حتى هاجمه وهاجم مذهبه او مكونه، ولفق وثرثر كثيراً حولهم، وبالتأكيد كان الرد مشابهاً، إن لم يكن أقوى.

أن يكون الأمر مقتصراً حول الجماهير فهذا أمر يمكن حله، لكن المعضلة الحقيقية تكمن في التبعية،والتبعية حالة خطرة، تضر بالمواطنيين، وتضر بالسياسة، وتضر بالوطن، وتضر الفكر السليم، فتبعية الفرد لشخص ما، وأتباع مايقوله ذاك الشخص من دون النقاش فيه او التفكير به، بحجة أنه يفكر أفضل منه، او انه القائد، ستتسبب في زيادة أزمة الوعي، فعدم التفكير يؤدي الى العديد من الازمات، وعدم أبداء هذا التابع، الذي أحياناً يشكل نسبة كبيرة من فئات الشعب، برأيه، سيشكل خطراً حقيقياً على العملية الديمقراطية بصورة عامة!

وحالة التبعية هذه منتشرة في بلادنا بقوة، وغالباً ما تكون لسياسي ما، وحين يُهاتر هذا السياسي سياسياً آخر، تجد هؤلاء التبع قد هاتروا معه، واحياناً يخرقون الدستور والقانون بأفعالم التخريبية، من دون تفكير ومن دون معرفة، وكأنهم عميٌ لا يفقهون!

ولا نعرف إن كانت ستسمر هذه المعضلة، أم ستُحل في يومٍ ما؟ وهل سيكون بأمكان هؤلاء الافراد استخدام عقولهم للتفكير بها، أم أنهم صمموا أن يُفكر شخصاً آخراً بدلاً منهم؟ لابد أن تنتهي هذه الازمات، حتى يعيش العراق من جديد، وهذه ستكون مسؤولية أبنائه.