في الواقع ، تُعد كلمة (لانظام) هي الكلمة الحقيقية والدقيقة لتوصيف حالة الحكومة العراقية ، وهو نهج يقع خارج كل سياقات الحكم والسياسة التي عرفها البشر ، لهذا أتحدى كل الموسوعات السياسية ، أن تجد له تسمية ، أنه سقط متاع المحتل ، فكان نهجا هجينا غريبا ، وحتى كلمة (نهج) لا تنطبق عليه ، لأنه تجمع للضباع بلا نهج ولا منهج ! ، ولو عاشه أحد اجدادنا ، لترحّم على نظام الفراعنة أو النظام العثماني ، مثلما يترحم اليوم المواطن العراقي ، على نظام (صدام) ، الذي (كان) الأسوأ في التاريخ وكأن مفردة (الأسوأ) هي التي نراهن عليها دوما ، حتى يظهر ما هو أسوأ منها ! ، وكل نظام في العالم ، يُنظر إليه (من خارجهِ) حسب إتصافه بالعناصر التالية : 1- المهنية والكفاءة. 2- الإرادة والإستقلال . 3- الأخلاقية والشفافية . 4- الوطنية والإنتماء . 5- الحزم والحرص . 6- الدفاع والأمن الداخلي . 7- النهج العام والسياسة الخارجية . وإذا أردت أن تدرك فشل أي نظام ، فهو بسبب إفتقاده لواحد أو إثنين على الأكثر من هذه العناصر ، لكن أن يكون النظام مفتقرا لجميعها كما هو شأن العراق ، فهذا هو الجحيم على الأرض ، فاستحال حرفيا إلى غابة تعج بالوحوش لكنها بلا زرع ولا ماء ! ، فالحكومة لم تكن مفتقرة لهذه العناصر بمجملها فقط ، لكنها تتصف بكل ما هو نقيض لها تماما ! ، بكل أحزابها وتياراتها وتجمعاتها وكتلها ومحافظاتها وأقاليمها ! ، إنه لعنة تاريخية حاقت بالعراق وأهله ، أسوأ حقبة مرّ بها هذا البلد ، سيدونها التاريخ بصفحات مخزية وغير مشرّفة ، إلى درجة أدهشت حتى المحتل الذي لم يرد بنا خيرا في يوم من الأيام ، ولم يكن يحلم بنتائج إنجازات غزوه المروعة كهذه الإنجازات !. يُقسم الحكام (ولا أقول سياسيون) في العراق إلى : 1- فاسدون وسراق للنخاع 2- عملاء أقليميون 3- إرهابيون 4- متاجرون بالدين 5- ساكتون ولهذا سبب ، فلا بُد أن يكون للساكتين جانب مجهول مظلم وكالح لا يريدون تسليط الأضواء عليه فيكونوا عُرضة للأبتزاز (العلني) ، وهذا أخطر من بقية الفئات أعلاه ! ، وجميعهم لا تطالهم يد العدالة أو المسائلة القانونية مهما بلغت درجة الإجرام لديهم ! . هم يعلمون جيدا مدى كره الشعب لهم ، هم يعلمون أنهم موضع إزدراء وسخرية رجل الشارع العادي ، يعلمون جيدا أنهم غير محترمين ، ويعلمون أن مهامهم في السرقة ستكون قصيرة الأمد ، لهذا عليهم توظيف مواهب السرقة ، الموهبة الوحيدة لديهم ، إلى أقصى ما يكون قبل إنتهاء دوراتهم الإنتخابية ، لهذا يجب أن يكون لهم خط رجعة ، فلغالبيتهم العظمى أكثر من جنسية ، وعادة من جنسيات (العالم الحُر) ! ، وكأن أحدهم موظف في شركة متعددة الجنسيات ، تدير (بزنس) إسمه خراب وتجويع وتدمير وطن . لقد خلت كل الموسوعات السياسية ، من تعريف لنظام يتمترس في منطقة آمنة ، ويعزل نفسه بالأسوار عن رعاياه وكأنهم غير موجودين ، بل يعاملهم وكأنهم أعداء ! ، كالسلاطين الذين يملكون كل شيء ، دون أي واجبات ، إلا فرمانات الجباية المقيتة ! ، فلا بنية تحتية ولا خدمات ولا قضاء ولا أمن ولا دفاع ولا صناعة ولا زراعة ولا تعليم ، لسنا أمام العالم سوى أرقام قياسية عالمية ، في البطالة والفقر والجريمة والأرهاب والفساد والعنف والعشوائية والتدهور البيئي والجفاف ! ، ببرلمان هو المؤسسة الأسوأ في التاريخ ، حسب صحيفة (الديلي ميل) البريطانية الواسعة الأنتشار !. أني لأعجب من هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالسياسيين ، بماذا يفخرون ؟ ، فقد ترجموا فشلهم المتعمّد على شكل عار عالمي لا يتشرف به حتى اللصوص وينأى عنه حتى المجرمون ! ، فأحتل البلد اسوأ المراتب العالمية في كل ما هو إنساني ومعيشي وخدماتي وتربوي وسياسي ، لقد فقدوا حتى الخصال البشرية ، ولو النزر اليسير من الشرف والكرامة والإعتداد بالنفس . تقول صحيفة (الديلي ميل) والعُهدة عليها وبالحرف الواحد : (السياسي العراقي يتقاضى مبلغ 1000 دولار في الدقيقة ، مقابل عمله 20 دقيقة في السنة ! ، ويتقاضى شهريا مبلغ أكثر من 22 ألف دولار ، مع مخصصات أخرى ليكون الإجمالي 90 ألف دولار شهريا دون عمل سوى مكوثهم في أرقى فنادق بغداد !) ، وأتسائل في نفسي ، عن الشيطان الرجيم الذي وضع سُلّم الرواتب هذا ! ، مقابل اولادنا الخريجون الذين (إن كانوا محظوظين) ، وهم يتقاضون مبلغ 150 دولار شهريا في فرية (الأجور اليومية) في الوزارات مقابل عملهم الشاق والعقيم في نفس الوقت ! . المشكلة لا تقف عند هذا الحد وهي فوق التصور ، فمسلسل التدمير الأخلاقي والفساد وموت المواطنة قد طال كثيرا حتى تمكن من نخر العقول وتحول إلى ثقافة سقيمة ، كل من لا يتصف بها سيكون شذوذا لقاعدة وسيُحارَب ! ، إبتداءً من (فرّاش) المدرسة أو حارس مركز الشرطة مرورا بالمدراء العامين ، إنتهاءً بأكبر الرؤوس !. رابط جريدة (الديلي ميل) ... http://www.dailymail.co.uk/news/article-1325597/How-Iraqi-politicians-paid-1k-minute-live-free-Baghdad.html |