المسؤولية التربوية والوطنية في المنظور الإسلامي
أولى الإسلام   ضرورة قصوى  في التربية  الاسلامية والمجتمعية والإعداد لافراد المجتمع الاسلامي  من حيث أولويات المسؤولية  حيث يقع الجانب الاكبر من هذه المسؤولية الشرعية على  قواد المجتمع الإسلامي  بكل مواقع مسؤولياتهم ومناصبهم المتعددة في المجتمع او مؤسسات الدولة  وأوجب على الفرد حق وواجب الطاعة لولاة الأمر من المسلمين  والذين  تتوفر فيهم شروط الطاعة  وقد جاءت الآية  الكريمة كتعبيرا صريحا  على وجوب طاعة  أولياء الأمور ( يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ }. النساء
وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال "اعرفوا الله بالله تعالى والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالمعروف والعدل والإِحسان" وفي الكافي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الأوصياء طاعتهم مفروضة قال نعم هم الذين قال الله: أطيعواوقال الله (إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.) سورة المائدة

 

وعن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) فالرسول  راع ومسؤول عن امته وتطبيق رسالته , والإمام راع مسؤول عن رعيته , والرئيس راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته , والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده , ومسئول عن رعيته , وكلكم راع ومسئول عن رعيته). حيث نفهم ان الجميع باختلاف مواقع المسؤولية  هم مسؤولون مفوضون بالجزاء والعقاب  والمحاسبة والتوجيه والارشاد  في المجتمع وهم مسؤولون امام الله  تجاه مسؤوليتهم الشرعية  

 

اما الوطن بأرضه وشعبه من هو المسؤول عنه؟

 

وكما نعلم ان الوطن هو الهوية، وهو القاسم المشترك، بين المكونات والطوائف والأديان في المصير والجغرافيا، وبتاريخه وبكل مكوناته وكل خصوصياته النفسية والثقافية. والتراثية  والدينية والفكرية والوطن تقع مسؤوليته وحمايته والمحافظة  عليه من كل افراد الوطن بتعدد قومياتهم واديانهم  على اساس حب الوطن والمواطنة الصالحة
في العراق للمواطنة تعاريف عدة، ومفهومها يبقى واحداً واضحا ولو حرر على ألسنة العراقيين بعدة مناهج وطرق، إلا أنه لم يبتعد كثيراً عما يدلل عليها.
فهي إحساس الفرد بالمسؤولية تجاه مصير البلد وأحواله وهي أمن الإنسان وكرامته وحقه في أن يحيا حراً كريماً عزيزاً متنعماً بخيرات بلاده هي حقه في أن يرى مستقبلاً أمناً مزدهراً مشرقاً له ولأسرته داخل هذا الوطن المتعدد في كل معطياته وعناصره. ولذلك لزاما على جميع افراد المجتمع المحافظة على الوطن وامنه وسلامته والتي هي مسؤولية كل فرد مخلص تجاه وطنه وحريصا على وحدة شعبه  متعاونا مع الجماعة  لتحقيق قيم العدل والتسامح ونبذ الفرقة والخلاف كما جاء في أمر الله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تتعاونوا على الاثم والعدوان)  كما ان الوحدة الاسلامية  مطلوبة جدا في رص الصفوف الوطنية وتفويت الفرص على الاعداء والوحدة هي اساس بناء المجتمع وشرط اساسي من ثوابت سمة المواطنة  في التعايش كوحدة مجتمعية  قوية ومتماسكة كما جاء في قول الله تعالى:( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )وهنا درس سماوي ووصية الهية  في وضع لبنة تكامل ووحدة المجتمع .
ولا بد للشباب العراقي الحر  في هذه المرحلة وفي الوضع الراهن الذي تكثر فيه الأكاذيب والتداعيات، والمخاطر والفتن الذي يتعرض له بلدنا .  وأن يأخذ دوره كاملاً في تعزيز الوحدة الوطنية،  من خلال التمسك بالثوابت الإسلامية .لذلك لابد أن نتعامل مع أي موضوع بصدق  واعتدال  وإذا أمكن الأشياء التي نريد إصلاحها بشفافية بعيداً عن النقاشات العقيمة التي تُختلق بين الأشخاص.  وتحرر النزعة  الطائفية والقبيلية والعنصرية . فالوطن ملك الجميع والجميع لهم الحق في العيش بوطنه  بحرية وسلام وطمانينة  وهنا تقع مسؤولية اولي الامر في اقناع الشباب وتوجيهم  وترسيخ مفهوم المواطنة  في نفوسهم، واخلاقهم ،وافكارهم .
فالتربية تلعب دوراً هاماً في تكويـن الإنسان المواطن الواعي الممارس لحقوقـه وواجباته في إطار الأسرة والمجتمع والبيئة التي ينتمي إليها كما تتمثل في العمل المبرمج من أجل أن تُنَمـّى لديه القدرات والطاقات التي تؤهله مستقبلاً لحماية خصوصياته وهويته وممارسة حقوقه وأداء واجباته بكل وعي ومسؤولية حتى يتأهل للتواصل الإيجابي مع محيطه.
وبلادنا والحمد لله دولة إسلامية , دستورها القرآن الكريم , دولة اسلامية  من المفترض من مؤسساتها الدينية ومراجعها وقادتها ان تحرص على التعاون , وعلى البر والتقوى في حدود المستطاع , فالمواطنون كلهم سواء في الواجبات والحقوق , والكل مطالب بتأدية واجباته على خير وجه , لينال حقوقه الدستورية والشرعية

 

فالشعب العراقي له خصائصه ومميزاته , في الحمية والغيرة  والتضحية  وحب الوطن وتاريخه حافل بسجل المواطنة والتعايش السلمي باختلاف مكونات الشعبوخصوصا انه نابع من رحم الامة الاسلامية  ورسالتها الانسانية  في التاخي والسلام  وكان الشعب مشاريع استشهاد بوجه كل الاعداء
وإن الوطنية تمثلت في أرواح شهداء الواجب , لأن حب الوطن سرى في عروقهم , لأنهم يدافعون عن المقدسات الإسلامية , وأن هذه الروح الوطنية استمدت مقوماتها من تعاليم الإسلام التي تربط الشعب المسلم والأرض المقدسة بأوثق الروابط.
فالوطنيةالتي تنبثق من الارث الاسلامي  توجب على المواطن أن يحب وطنه , وأن يبذل كل ما في وسعه من اجل رفعة وطنه , وان يضحي بكل ما يملك في سبيل الله , ثم في سبيل المحافظة على سلامة وطنه , وأمنه واستقراره ومقدراته. إن أمن الوطن مسئولية الجميع , فلا بد من الآباء الاهتمام بتربية الابناء (فالتربية الإسلامية هي التنظيم النفسي والاجتماعي الذي يؤدي الى الحفاظ على حياة الفرد والجماعة).
والتربية الإسلامية ضرورة حتمية لتحقيق الإسلام كما أراد الله أن يتحقق , وهي بهذا المعنى تهيئة النفس الانسانية لتحمل هذه الأمانة , وهذا يعني بالضرورة ان تكون مصادر الإسلام هي نفسها مصادر التربية الإسلامية والاخلاقية  والانسانية.