السلاح سيحسم الانتخابات القادمة

 

 

   الانتخابات؛ كانت وما زالت أرقى ممارسات الديمقراطية، التي تمارس في انظمة العالم، من أجل الوصول للحكم، تعبر الشعوب فيها عن أراءها بكل حرية، لاختيار من يمثلها في مواقع السلطة والقرار، كان نظام رئاسياً أو برلمانياً، ولكن عندما تفرض أساليب اجبارية، للتعبير عن الرأي، فلا تعد الانتخابات ديمقراطية، خاصة باستخدام السلاح.

   ما صرح فيه رئيس الوزراء مؤخراً: "لا نسمح بتحول التنافس الانتخابي المقبل الى السلاح" يعبر عن تناقض الرجل في تصريحاته, خلال ثلاثة أيام خلت, صرح شخصياً في مؤتمر حوار بغداد بقوله: "نستغرب من تخوف البعض من مرحلة ما بعد داعش" التي كان يرى فيها مرحلة اعتيادية, تمضي الامور كما يشتهي الشعب, سوى ما عبر عنها "بالتسوية المجتمعية" التي طالب فيها.

   ما يهمنا تصريحه؛ "عدم السماح استخدام السلاح بالاستحقاق الانتخابي", كأنما رئيس الوزراء يعلم, إن القوى السياسية ستستخدم السلاح, كوسيلة لفرض اراداتها في الانتخابات القادمة, وهذا ما يتخوف منه العراقيين جميعاً, فاذا كان رئيس السلطة التنفيذية يحذر من الآن, بعدم القبول ذلك, فهذا يعني إن السلاح سيستخدم بنسب متفاوتة, بتحديد نوع القوى الصاعدة للانتخابات البرلمانية, وربما في اختيار الكابينة الحكومية ايضاً.

   أذن؛ أين أصبح تصريح عدم التخوف من المستقبل؟ أمام عدم السماح بالسلاح في الانتخابات, فيما لم يشير سيادة الرئيس, أي نوع من الاسلحة يقصد؛ الخفيفة أو المتوسطة أم الثقيلة, لاسيما وهو الداعي؛ لمنع المظاهر المسلحة, تعليلاً لعدم التخوف, الذي استنكره قبل أيام, فالسلاح اليوم أوغداً, يبدو سيخرج من سيطرة الدولة, ويكون "المرشح المسلح" سيد المارثون الانتخابي القادم, أمام تخبط السلطة.

   المرحلة القادمة؛ يبدو أنها تنذر بخطر كبير, يداهم العراق في مرحلة ما بعد داعش, خاصة والبلاد على أعتاب حقبة جديدة, مع عدم وجود حلول حقيقية بالأفق, لدرء المخاطر التي يتوقعها الخط العقلاني المعتدل في العراق, أمام تصريحات متناقضة, كثيراً ما تصرح فيها, شخصيات الخط الانتهازي, الساعي لكسب  الجولة الانتخابية القادمة, باستخدام بنفس اساليب التهاون وتظليل الحقائق, واستغلال انتصارات القوات الامنية.

   تصريحات من هذا النوع, تصدر عن أعلى شخصية تنفيذية في البلد, لها مدلولات خطيرة, فتارة يستهجن التخوف من المستقبل, الذي يعده الاخرين مستقبل غامض, أمام احتمالات؛ التسوية والتقسيم والاقتتال, وبين استخدام إشارات واضحة, ستتحول لاحقاً لقرارات إجرائية, بوجه كل من يستخدم السلاح بأنواعه, لفرض إراداته, أو تقييد الاخر بتغيير وجهات نظرهم, ما يعكس الاضطراب الحقيقي, الذي تعاني منه الشخصيات النافذة.

   العراق الى أين؟ هذا السؤال الاهم, الذي لم نجد له جواب, أمام عدم إخلاص أصحاب القرار, وضعف الوعي المجتمعي, لدى ابناء الشعب الذين اختلطت عليه معايير اختيار الافضل, ممن يكون مرشداً وموجهاً له, أمام التحديات الخارجية, والتناقضات الداخلية؛ السياسية والامنية والاجتماعية, والبلد بين التخوف من المستقبل, والتعالي على المعطيات الواقعية.