دين منحها مساحات شاسعة جداً |
قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز:"إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون"،صدق العلي العظيم، وصدق رسوله الأمين (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، فالقرآن الكريم نزل بلغة الضاد(اللغة العربية)، التي كانت وما تزال لغة العلم والعلماء، وباقية ببقاء الكتاب المبين، فجمال الألفاظ، والكلام، والصور، والمعاني التي تحتويها، جعلها غير قاصرة، عن وصف كل ما يمت بصلة للحياة، ويقع على هرم ذلك، أن لغتنا هي سر قوة هويتنا، وخلودها عكس الأمم الأخرى.
القرآن الكريم أدهش العالم بعظمة معانيه، ودقة تراكيبه، وروعة نسقه، وجمال قصصه، حيث جعلهم عاجزين عن مجاراته ولو بآية، فبات القرآن الكريم محط أنظارهم، ولكن ما يؤسف له أن العرب أصحاب الفصاحة والبلاغة، قد هجروا كتابهم المقدس، وأمسى اللحن في كلامهم، يسير مسرى الماء في النهر المنساب، والأسباب كثيرة منها: إختلاط العرب بالأمم غير العربية، وفقاً لعاملي التأثر والتأثير، على أن غيرتهم على اللغة، دفعتهم لضرورة حمايتها وصيانتها من الخطأ.
الحفاظ على لغة القرآن من اللحن، وتداخل اللهجات المحلية للأقوام المجاورة للدولة الإسلامية، والفتوحات العسكرية، ووفاة قراء القرآن إثر الحروب، أو بسبب كبر سنهم، دفع الإمام علي (عليه السلام)، لوضع اللبنة الأولى لدراسة اللغة العربية، بفروعها المعروفة (النحو والصرف والبلاغة) وغيرها، وتعليمها للتابعين التقاة، حيث أصبحوا فيمابعد جهابذة علم اللغة أمثال: أبي الأسود الدؤلي، والفراهيدي، وسيبويه، فإنتفع العالم بأجمعه، بما توصلوا إليه لحفظ القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة من الضياع.
لم يكن بحث الإمام علي (عليه السلام) بحثاً لغوياً فحسب، بل درس كل علوم وأدآب العرب، في عصر ما قبل الإسلام، واللغات القديمة، ولم يستعصِ عليه علم، أو إستصعب مفردة لم تناسب زمانه، أو الأزمنة القادمة، وهذا دليل واضح على أن اللغة العربية، لغة ولاّدة تواكب التطور وتقادم السنين، فلبّت كل إحتياجات الأمة ولم تضق عليها، مما دعا الأمم المتحدة في عام2010 ،الى الإقرار بأن اللغة العربية، هي اللغة السادسة من حيث عدد الناطقين بها.
سمي يوم 18/كانون الأول من كل عام، يوماً عالمياً للغة العربية، عندما تم إستعمالها لأول مرة، في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، في حين جعلت منظمة العلوم والتربية، التابعة للجامعة العربية، يوم 1/آذار يوماً للغتها في المنطقة العربية، وبذلك حققت اللغة العربية ميدان إنتشارها، من خلال القرآن الكريم، ومنحها الدين الإسلامي مساحات شاسعة، للتواصل، والإندماج، والتلاقح اللغوي، عليه باتت لغتنا الجميلة، لغة للتسامح، والمحبة، والإخاء، وليس لغة للعنف، والكراهية، والعداء.
|