الحوار ضمان مستقبل العراق |
العراق؛ البلد الوحيد بالشرق الاوسط, الذي لا يتقبل الحديث بلغة الحوار, لاسيما في الجانب السياسي, فكلما طرح موضوع الحوار, رفض بشدة, والاسباب؛ تكمن في انعدام الثقة بين القوى السياسية, وتفشي لغة الطائفية في المجتمع, وتدافع المصالح الحزبية والشخصية, لذا لا يمكن أن تستمر الحياة متأزمة, بدون تقبل لغة الحوار السليم. كل دول العالم مرت بحروب وأزمات, خرجت منها باتفاقيات تضمن حقوق الطرفين, هذا الامر بديهي لو راجعنا الحياة الاجتماعية في العراق, فكم من قضية جنائية وعشائرية تنتهي بالحوار والمشافهة, فالحوار حل ناجع, في بلد متنوع الاطياف, بحاجة ماسة لتعزز التعايش السلمي واحترام الآخر, كونها من المسلمات الأديان, والاهم مواجهة الفكر المتشدد والمتطرف, الذي ساهم بتمزيق النسيج الاجتماعي, وخلف تراكمات سلبية. المرحلة القادمة؛ باتت الاخطر في العراق, مما تجاوزه من محن, كون منطقة الاقليمية برمتها, تمر في حالة من الترقب الحذر, نتيجة سياسة "شد الحبل" بين الولايات المتحدة وروسيا, والعراق جزء من هذه المعادلة بلا شك, فضروري جداً, انهاء سياسة التأزيم, لأنها لا تصمد أمام تبادل الآراء والأفكار والحوار, هذه هي لغة القران, والابتعاد عن التحريض على التطرف, والعنف والمشاكسة الفارغة. مؤتمر استانا؛ يهدف لتثبيت الهدنة في سوريا الممزقة, والمدمرة بنيوياً واقتصادياً واجتماعياً, فيما فاجئ العالم وزير الخارجية الايراني, بإعلان استعداد بلاده للتحاور مع الرياض, منبع الارهاب بنظر الايرانيين, أذن؛ لماذا العراق لم يكن صاحب المبادرة بالتأسيس ثقافياً وإعلامياً, لمبدأ دولة المواطنة, وتعزيز مبدأ اللا مركزية الادارية, كونهما من اسس الدستور العراقي, ورفض كل دعوات تقسيم البلد وتجزئته, وأشاعه الفوضى فيه. فالأرادات الخارجية حينما تفرض, لا يمكن لأي جهة داخلية أو اقليمية رفضها, الا في حالة تعزيز روح الوحدة والتسامح, وقبول بعضنا بالآخر, واشاعة الاحترام المتبادل بين أبناء الشعب؛ ساسة وافراد, وتحويل الإثارة من وسائل للهدم, الى إثارة تستنهض القيم والشجاعة والصدق, في مجتمع يمتلك أرث تاريخي بعمق الدهر, من خلال أعادة النظر بمناهج التربية والتعليم, وخاصة التربية الدينية والتاريخ والوطنية. كل ذلك لن يكون, ما دام الوضع السياسي غير مستقر, نتيجة الاخطاء السابقة, التي من الضروري الاستفادة من التجارب الداخلية والخارجية, لاسيما في أنشاء منظومة اقتصادية ناجحة, تبدأ بالانتقال من النظام الريعي النفطي, إلى اقتصاد الحر المنتج والمنفتح, وبرؤية واضحة, لتخطي رهن اقتصادنا بالكامل على النفط, والاستفادة من الاستثمار الامثل بالمجالات الزراعية والسياحية, والسيطرة على موارد الكمارك, البرية والبحرية كافة. كل ذلك يتخطاه العراق, بتجاوز ثقافة التخوين والتنكيل والاستهداف, واستغلال المواقف من أجل المكاسب الضيقة, فالبلاد على شفى حفرة من الانفجار الداخلي, بسبب التخبط سياسي, والفوضى الادارية, وإراقة الدماء, بلا وازع أخلاقي أو قانوني, لإيقاف التراجع الفكري, وسيطرة على الاعلام السلبي المتبادل, فالحوار الحقيقي ضمان لخروج العراق من طوارق المجهول. |