دور المتدينين العلمانيين مطلوب بإلحاح شديد حالياً!

 

منذ قرون وقرون كثيرة حتى يومنا هذا يهيمن الغالبية العظمى من شيوخ الدين المسلمين غير الاوفياء لشعوبهم على عقول الناس ويوجهونهم الوجهة الخاطئة والمدمرة التي قال عنها بصواب كبير كارل ماركس عندها يصبح "الدين أفيون الشعوب"، لأنهم يستغلون الدين لمصلحتهم ومصلحة الحكام الذين لم يرحموا شعوبهم. وقد أوصل شيوخ الدين، الذين وضعوا أنفسهم وسطاء ووكلاء بين الإنسان والرب الذي تؤمن به الغالبية العظمى من الشعوب المسلمة، إلى حضيض لا يحسد عليه وفرضوا عليهم فتاوى لا يمكن القبول بها الا الجهلة الأميين الذين لا يعون من أمرهم شيئا، وهم يشكلون الأكثرية الساحقة. الأسطورة والخرافة والغيبيات الدينية المنهكة براد منها أن تنسي الأكثرية السكانية واقعها المر وتغرقها في فرحة التضحية بالحياة الدنيا، لتفوز بالآخرة، باللجنة الموعودة وبالحور العين، لكي ينعموا هم وتنعم معهم الفئات الحاكمة والحكام غير الاوفياء لشعوبهم على حساب الكادحين والمحرومين والفقراء المعوزين من شعوبهم. 

لو تابع الناس ما يجري في السعودية بجدية ووعي، لعرفوا الدور الذي يلعبه شيوخ الدين هناك في التجهيل الديني ومنع التنوير وتكميم الأفواه، وممارسة قطع الرؤوس والأكف بذريعة الشريعة والحبس لسنوات طويلة والجلد ومساعدة الحكام السعوديين في البقاء في السلطة ونهب ثروات الشعب في الجزيرة العربية، والتنسيق معهم للاستمرار بممارسة إنتاج وإعادة إنتاج الإرهابين وتنشيط القوى الإرهابية وتمويل الاٍرهاب مالاً وتسليحاً ليس في الشرق الوسط فحسب، بل وبأفريقيا والدول الأوربية وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق. وتشارك دولة قطر وصعاليكها في هذه العمليات الإجرامية بعلم وسكوت وتأييد جهاز المخابرات المركزية ووزارة الدفاع الامريكية ومراكز قوة أخرى بالولايات المتحدة. ونفس الدور المخزي تمارسه ايران للوصول الى أهدافها الطائفية في منطقة الشرق الاوسط وإفريقيا. 

وما يجري بالعراق لا يختلف عما يمارسه غالبية شيوخ الدين الشيعة والسنة، وهم يشكلون سببا رئيسيا، وليس وحدهم، في وصول العراق الى هذا الحضيض والمستنقع النتن الذي يعيش فيه الشعب العراقي. وهم الذين زكوا وما زالوا، شاءوا أم أبو، الحكام الحاليين الذين قهروا الشعب ومرغوا كرامته بالتراب ونهبوا خيرات البلاد وجوعوا نسبة عالية ومتفاقمة من بنات وأبناء الشعب، ونشطوا القتل على الهوية والإرهاب وتسببوا في احتلال جديد لمناطق العراق وما نجم عنه من سبي وتريد واغتصاب وقتل وموت مستمر، إضافة استشهاد الكثير من العراقيين في القتال ضد أوباش داعش المجرمين. ويوماً بعد اخر يزداد وضع الشعب سوءاً ويغوص الحكام في غيهم وجورهم على الشعب ويزداد دورهم في الدوس على بنود الدوس الذي وضعوه هم بأنفسهم. 

هذا الوضع لا يتطلب تحرك القوى اليسارية والديمقراطية واللبرالية لمواجهة تدهور متفاقم في أوضاع البلاد فحسب، بل يستوجب أيضاً وبإلحاح شديد وعاجل تحرك جاد ومسؤول من جانب المسلمين المتدينين العلمانيين، الذين يدركون بوعي ومسؤولية دور غالبية شيوخ الدين في التجهيل والخضوع للواقع القائم، واهمية البدء بحركة تنويرية نشطة وفاعلة لكشف ألاعيب الآخرين وعواقب ذلك على المجتمع. ان على العلمانيين من شيوخ الدين والمؤمنين بصواب الفصل بين الدين والدولة وبين الدين والسياسة، واحترام أتباع جميع الديانات والمذهب. 

إن العراق بحاجة ماسة إلى عملية تنوير ديني واجتماعي وسياسي ليستطيع من خلاله تدارك ما يجري اليوم بالبلاد، وإن هذه المهمة يتحملها شيوخ الدين والمؤمنين من المسلمين العلمانيين، كما تتحملها القوى السياسية الديمقراطية والتقدمية واللبرالية، إذ إن السكوت على ما يمارسه شيوخ الدين والمعممين وغير المعممين الجالسين على كراسي الحكم وفي مجلس النواب سيقود العراق إلى كارثة أفظع بكثير مما وصل إليه العراق خلال السنوات المنصرمة منذ إسقاط دكتاتورية البعث الغاشمة. 

فليرفع العلمانيون من شيوخ الدين ومن المسلمين المؤمنين صوتهم عالياً وليعملوا من أجل عراق أفضل مما هو عليه الآن، عراق أكثر أمناً واستقراراً وازدهاراً، وأكثر دفئاً للإنسان العراقي واكثر استجابة لحاجاته وتطلعاته ومستقبله.