العراق تايمز: كتب حسن النجفي
تحوم الشبهات حول قيمة الواردات المالية والريع المتنامي للشركات المنضوية تحت اسم ((الكفيل)) التابعة للعتبة العباسية المطهرة. فمنذ حوالي عقد من السنين تأسس مشروع خيري برعاية العتبة العباسية او بالاحرى أدارة هذه العتبة، واول صور هذا المشروع هو (دجاج الكفيل) المجمد، الذي كان يُطرح في الاسواق العراقية بأسعار مناسبة، ثم توسع هذا المشروع فأصبح يعنى باللحوم على اصنافها والاسماك المجمدة، وقد اقبل الناس من ذوي الدخل المحدود على الشراء من محال واسواق (الكفيل) التي انتشرت في اكثر محافظات العراق، وذلك تيمناً باسم الكفيل والعتبة العباسية وثقة بالاستثمار الوطني الذي ترعاه هذه المؤسسة الدينية... ويبدو ان المشروع لم يكن معنياً أبداً منذ تأسيسه بتقديم أية مبادرة خيرية لدعم الفقراء والمعوزين ولو بصيغة الخصم من السعر او بأسلوب البطاقة التموينية (فالاسعار بدأت تتزايد تدريجياً حتى صار المنتج الذي يطرح في الاسواق في الاونة الاخيرة مساوياً لسعر المنتج الاجنبي او اغلى منه)، إلا ان الناس مع ذلك قد غضوا النظر عن لاتعاونية مشروع (الكفيل) وكانوا يشجعونه ويتبركون باسم أبي الفضل العباس عليه السلام (كفيل زينب)، فأقبلوا على الشراء وتهيأت للقائمين على المشروع اسباب الثراء... لقد توسع مشروع الكفيل توسعاً لافتاً في السنوات القليلة الماضية وصار كل شيء في السوق العراقية تقريباً يطرح تحت علامة (الكفيل)، الرز والعدس والحمص والفاصوليا والسكر والشاي والزيت واللحوم ومشتقاتها كالبيض والاجبان والحليب... ويظهر ان كثيراً من الشركات الغذائية العربية والاجنبية قد لاحظت سحر هذا الاسم (الكفيل) فاتفقت مع العتبة العباسية او بالأحرى مع اداريي وتجار العتبة بطرح بضائعها ومناجاتها تحت عنوان (الكفيل) لقاء حصة او نسبة... والغريب أن هناك من يأتي ليقول لك بجدية او بدعابة وعفوية: (وماذا في ذلك؟ فهذه صناعة وطنية ينبغي علينا تشجيعها) !! لم يقف الامر عند هذه الحدود، فإن كارتل (الكفيل) قد فتح مستشفيات ومجمعات سكنية ومطاعم وفنادق ومعاهد وكليات خاصة وبأجور (تنافسية) تثقل كاهل الفقراء، فليس الغرض من هذه المشاريع -كما ألمحنا من قبل - هو خدمة المواطنين او الزائرين بل الاثراء والاستحواذ على السوق لاهداف اقتصادية بحتة، والله تعالى وحده يعلم كم هي قيمة استثمارات (الكفيل) وارباحه؟ وأين تذهب وتصرف؟ او في أي جيب تنزل من جيوب عباد الله الصالحين ؟! هل هذا كل شيء ؟ ام ثمة شيء اخر قد تعمدنا تأخير ذكره إلى هنا تجنباً للفضيحة !؟ نعم والله! إنه ليعتصر القلب الالم لما سأقوله: ان العتبة العباسية المطهرة قامت بطرح (يانصيب الكفيل) وهي بطاقات لا تختلف في كثير ولا قليل عن بطاقات القمار، حيث يتم تخصيص جوائز مالية للفائزين، ولما كان اليانصيب حرام شرعاً، (وهو أمر لم يغب عن دهاء المتاجرين باسم الكفيل عليه السلام) فقد لجأ القائمون على العتبة الى حيلة شرعية مفادها: لابد لمن يشتري بطاقة يانصيب أن ينوي التبرع بقيمة البطاقة (عشرة آلاف دينار) الى العباس عليه السلام !! وعلى ضوء هذه الحيلة قامت العتبة العباسية بطبع صكوك من (بطاقات يانصيب الكفيل) وطرحها عبر قنوات البيع الخاصة، ومن اساليب توزيعها المبتكرة انها عرضت أو بالاحرى (ورّطت) بعض الورعين والمعممين ليقوموا بييعها للناس مرغبين إياهم بالجوائز والسيارات في العاجل والثواب العظيم وشفاعة ابي الفضل العباس في الاجل.. وبطبيعة الحال فإن هناك حصة او نسبة مؤية تعطى لهؤلاء الموزعين المخلصين لقاء مجهوداتهم المباركة في حمل الناس على التبرع!! أية متاجرة بالدين وبرموز المسلمين ابشع واشنع من هذه ايها الأخوة؟
انا اتساءل ماذا قدمت العتبة العباسية للفقراء والمحتاجين؟ هل سمعتم مثلاً ان العتبة قامت بتزويج الشباب؟ او قامت بتنظيم زيارات للعتبات المشرفة في الحجاز والشام وايران باجور رمزية؟ هل قدّمت دوراً في مجمعاتها السكنية للمعوزين والمتشردين ؟ هل قامت بعلاج المرضى في مستشفياتها او في الخارج قربة الى الله تعالى؟ هل ساعدت الطلبة في كلياتها ومعاهدها (وهم افقر شريحة في المجتمع العراقي) بالقبول من دون مطالبتهم باجور واقساط موسمية وسنوية كبيرة؟ هل يحق لأمراء واثرياء العتبة العباسية ان يدّعوا بعد اليوم أنهم يعملون لاجل العباس عليه السلام ولاجل الدين؟ |