إصطحب رجل زوجته الى حديقة حيوانات، فمروا بالقرب من قفص القرود، فوجد أحدها يلاعب أنثاه، فقالت الزوجة: يا لها من قصة حب رائعة! وعندما مروا بجوار قفص الأسود، وجِد الأسد يجلس صامتاً، بينما أنثاه تلهو بعيداً عنه، فقالت الزوجة مجدداً: يا لها من قصة حب مأساوية! ألقى الزوج عصا قصيرة تجاه اللبوة، فاهتاج الأسد، وزأر بشدة من أجل أنثاه، وعندما ألقى عصا أخرى على أنثى القرد، ترك القرد أنثاه وهرب، حتى لا تصيبه العصا فقال حينها: لا تنخدعي يا حبيبتي، بما يظهر لك من المنظر العام، هناك مَنْ يخدعون الناس بمشاعرهم، داخل قلوب مغلفة بالحب، فما أكثر قرود زماننا، وما أقل أُسوده!
العراق في ظل الأوضاع الراهنة، يحتاج لكثير من الأُسود، لكن الواقع لا يوضح ذلك، فهناك قرود سياسية تسنمت مناصب سيادية في الدولة، وتركت الوطن والمواطن حين جدَّ الجد، وضاعت المدن بليلة وضحاها، وأبرز ما يقودني لهذا الكلام، هو مسيرة الإنتخابات السابقة، التي حُرّفت وأُخرجت عن مسارها، وأنتجت لنا هذه القرود، ولكن في الإنتخابات القادمة، سؤال يطرح نفسه وبعنوانٍ كبيرٍ واضح،ٍ هل ستطيح تلك المسيرة الجماهيرية، والثورة البنفسجية بهؤلاء القرود، الذين كان همهم الوحيد، المكاسب والمصالح الشخصية الضيقة؟!
على كل حال الأمر لا يشمل جميع الساسة، فمنهم من أثبت أنه أسد، فالجهود التي بذلها هؤلاء الرجال، كانت على قدر المسؤولية المناطة بها، وحاولت بشتى الوسائل إنقاذ الوضع العراقي مما هو عليه، لأن أجندات معينة من وسطنا وخارجه، تتصدى لهذه الجهود محاولة تسقيطها، أو تجيير إنجازات المرحلة الراهنة، لصالح الحزب الحاكم فقط، على أن الدعوات مستمرة، طالما طالبت بها مرجعيتنا، وجماهيرنا في كل مرة.
المشاعر المزيفة يخاطب بها هؤلاء القرود، بحجج دماء العراقيين، والدفاع عن حقوق الأرامل والأيتام، نسألهم: أين كنتم عندما أُستبيح العراق واغتصبت المدن؟ ألم تصعدوا على أكتاف الفقراء والبسطاء، بشعاراتكم الرنانة المزيفة، ليصوتوا لكم في الفترة الماضية؟ ألم تكن قطع الأراضي، والبطانيات، والمدافئ سلعاً رخيصة لشراء الكراسي؟ فأكبر كمٍ من الدماء في سبايكر، كان كفيلاً بقلعكم من جذوركم، لكن شعاراتكم مزيفة، وكلامكم أكثر زيفا، مكنكم من الانتخابات، وقد حصل ما حصل، وكان درساً بليغاً إستوعبه العراقيون جيداً.
في قادم الأيام ستبدأ الحملات الانتخابية للمجالس المحلية، التي نادت بعض القوى السياسية المعتدلة، بضرورة دمجها مع الإنتخابات البرلمانية، بسبب سياسة التقشف الحكومي، فدمج المخصصات والتكاليف، لخوض جولتين من الانتخابات مرة واحدة، يعد إنتصاراً للمفوضية العليا للإنتخابات، كما هي نصر للمشروع السياسي، ودعم لجهود الحكومة في الإستقرار السياسي، الذي يلقي بظلاله على الإستقرار الأمني والإقتصادي، فصرخت القرود وإستنكرت.
ختاماً: بعض القرود تعودت على الهزيمة، وتأخذها العزة بالإثم، فنرى أنها تبدو كجثة هامدة، تؤدي مزيداً من الفساد والترهل، فتوهم المتلقي، بأنها تعيش قصة حب وطنية رائعة، أما الأسود التي زأرت بكل قوة، وتصدت للإرهاب حينما نادتها الحدباء المغتصبة، فقد أنقذ الأسد عروسه، ورسم لوحة للفداء والتضحية، وكشف زيف الفاشلين والمتآمرين، ولم ينخدع هؤلاء المجاهدون، بزخرف العيش وملذاته، بل وهبوا دماءهم الطاهرة، فداء للعرض والأرض، فكتبوا قصة حب جهادية، نالوا بها الكرامة الأبدية، والعراق مليء برجال، يستطيعون التصدي ليتسنموا المناصب المهمة، في إدارة البلد لأنهم أُسود عراقية أصيلة.
|