نساء عاصرن الأئمة وعشنَ أبداً/41 صبر ليلى بنت مسعود ليس بغريب! |
الحضور المتميز للنساء في ملحمة كربلاء، يعطي صورة واضحة وخالدة، عن الدور الفعال للمرأة، في بيان أسباب ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، وفضح شخصية يزيد عليه اللعنة، وكشف القناع عن قبح أفعال العدو، حين أقدم على قتل أبناء قوم زكاهم الباريء عز وجل، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، ولهذا عاشت كربلاء بوجود عقائل الوحي، ومخدرات الرسالة بما قبلها وما بعدها.
المرأة تحملت كثيراً من المعاناة والآلام أيام الطف، من سبي، وحزن، وفراق، ومشاهد لرؤوس أبية رافضة للضيم، فإستمدت الشجاعة من هذه القرابين، لأن الموت ليست قضية الميت نفسه، بقدر ماهي قضية الباقين، حيث أن ليلة المكاشفة التي جرت بين الأمام الحسين(عليه السلام) وأصحابه، أثبتت عمق الولاء المحمدي من قبلهم، ليقدموا أرواحهم فداء للدين والعقيدة، ولا فرق بهذا عند الرجال والنساء.
أعظم حق للمرأة منحه الإمام الحسين(عليه السلام) حق الإختيار، بأنه سأل نساء البيت الهاشمي بقرارهن بالبقاء، أو الذهاب لقبائلهن، لكن حرائر بيت النبوة أبينَ، إلاأن يكملن مابدأنَ من رحلة الصبر والإباء، فقد شاركت إحداهن بهذا المصاب، وقدمت ولديها(عبد الله الأصغر ومحمد الأصغر)،فداء لأخيهما الإمام الحسين(عليه السلام)، إنها ليلى بنت مسعود، بن خالد بن ربعي، بن مسلم التميمي من بني دارم.
السيدة ليلى بنت مسعود، إحدى زوجات الإمام علي (عليه السلام)، تزوجها بعد وفاة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، والسيدة فاطمة بنت حزام، أم البنين (عليها السلام)، شهدت واقعة الطف، وحضرت مع ولديها(عبد الله ومحمد)،اللذين إستشهدا بكربلاء فلم تجزع، وتميزت بصبرها الكبير، وهذا ليس بغريب على نساء أهل البيت (عليهم السلام)، فهي تدرك أن القتل لهم عادة، وكرامتهم من الله الشهادة.
عاصرت السيدة الجليلة ليلى التميمية الدارمية، زمن الإمام علي، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين(عليهم السلام أجمعين)، فبرزت مكانتها بين نساء زمانها، وقد روت أحاديث كثيرة عنهم، وكانت ممَنْ برزنَ للإحتجاج على المضايقات، التي تعرض لها الإمام الحسن بعد صلحه مع معاوية، وصرحت كثيراً بأنه أحق بالخلافة بعد أبيه علي(عليه السلام)، فكانت نعم المدافعة عن سبط نبي الرحمة(صلواته تعالى عليه وعلى آله).
تميمية علوية إرتبط إسمها بعلي بن أبي طالب(عليه السلام) حين تزوجها، ويقيناً أن مَنْ تكون زوجة لأبي الحسنين، فلابد أن تكون على مقدار كبير، من النجابة والفصاحة، لتروي عن زوجها وإبنه الحسن(عليهما السلام)، أحاديث مهمة في أحكام الدين وأحوال الدنيا، فسلام عليكِ أيتها الصابرة المحتسبة، عند الباريء عز وجل لإستشهاد ولديك أمامك في كربلاء، فإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
|