هل يحق لمجالس المحافظات أن تعترض على خصخصة الكهرباء وأسعارها الجديدة؟ |
منذ طرح موضوع خصخصة قطاع التوزيع في الكهرباء من قبل الوزارة وكتابة مسودة عقود وتوزيعها على مجالس المحافظات والاتفاق مع شركات بشأن ذلك والجدل محتدم بشأن الموضوع، وسبق وكتبنا بشأنه من الناحية الفنية والاقتصادية أما في هذا المقال فنتناول الجانب القانوني في الموضوع.
تقول الوزارة بشكل رسمي أو غير رسمي إنه لا يحق للمحافظات أن تعترض على فكرة الخصخصة وإن من حقها- أو إن الوزارة تكرمت بذلك- ان تُبدي ملاحظاتها على صيغ العقود وملاحقها فقط!
ومع ذلك صوتت بعض مجالس المحافظات بالرفض، فما مدى قانونية طرح الوزارة وما مدى قوة تصويت مجالس المحافظات من الناحية القانونية؟
العلاقة بين الحكومات المحلية والحكومة الاتحادية رسمها الدستور بمواد ثلاث-إضافة إلى مواد أخرى تطرقت لبعض تفاصيل العلاقة ولكن هذه المواد هي الأهم والأوضح- حدد في إحداها الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية وهي المادة (110) منه والتي تنص على:
"تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الآتية:
اولاً :ـ رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وابرامها، ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية.
ثانياً :ـ وضع سياسة الامن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك انشاء قوات مسلحة وادارتها، لتأمين حماية وضمان امن حدود العراق، والدفاع عنه.
ثالثاً :ـ رسم السياسة المالية، والكمركية، واصدار العملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الاقاليم والمحافظات في العراق، ووضع الميزانية العامة للدولة، ورسم السياسة النقدية وانشاء البنك المركزي، وادارته.
رابعاً :ـ تنظيم أمور المقاييس والمكاييل والاوزان.
خامساً :ـ تنظيم امور الجنسية والتجنس والاقامة وحق اللجوء السياسي.
سادساً :ـ تنظيم سياسة الترددات البثية والبريد.
سابعاً :ـ وضع مشروع الموازنة العامة والاستثمارية.
ثامناً :ـ تخطيط السياسات المتعلقة بمصادر المياه من خارج العراق، وضمان مناسيب تدفق المياه اليه وتوزيعها العادل داخل العراق ، وفقاً للقوانين والاعراف الدولية.
تاسعاً :ـ الاحصاء والتعداد العام للسكان".
وفي الثانية حدد الصلاحيات المشتركة وهي المادة (114) منه والتي تنص على:
"تكون الاختصاصات الآتية مشتركةً بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقاليم:
أولاً :ـ ادارة الكمارك بالتنسيق مع حكومات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم، ينظم ذلك بقانون.
ثانياً :ـ تنظيم مصادر الطاقة الكهربائية الرئيسة وتوزيعها.
ثالثاً :ـ رسم السياسة البيئية لضمان حماية البيئة من التلوث، والمحافظة على نظافتها، بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم.
رابعاً :ـ رسم سياسات التنمية والتخطيط العام.
خامساً :ـ رسم السياسة الصحية العامة، بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم.
سادساً :ـ رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة بالتشاور مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم. سابعاً :ـ رسم سياسة الموارد المائية الداخلية، وتنظيمها بما يضمن توزيعٍ عادلٍ لها، وينظم ذلك بقانون".
وفي الثالثة تحدث عن ما عدا ذلك، وهي المادة (115) والتي تنص على:
" كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم، تكون الاولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، في حالة الخلاف بينهما".
ومن الواضح مما سبق إن "تنظيم مصادر الطاقة الكهربائية الرئيسة وتوزيعها" من ضمن الاختصاصات المشتركة كما جاء في البند "ثانياً" من المادة (114)، وموضوع خصخصة قطعاً يقع ضمن هذا العنوان، وبالتالي فهو ليس اختصاصاً حصرياً للسلطات الاتحادية حتى تتفرد به وزارة الكهرباء بل هو اختصاص مشترك لا يحق للوزارة التصرف به دون تنسيق مع المحافظات في أدنى التفاصيل وليس في قضية كبيرة كخصخصة التوزيع فيه.
أضف إلى ذلك إن الحكومات المحلية انجزت الكثير من المشاريع ضمن قطاع التوزيع والشبكات من مبالغ تنمية الأقاليم-أي من تخصيصات المحافظات- وهذه المشاريع لا يحق للوزارة وضعها تحت تصرف مستثمر دون استشارة الحكومات المحلية ليس في تفاصيل العقد فقط بل في أصل الموضوع فضلاً عن تفاصيله.
إضافة إلى النصوص الدستورية فإن قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم 21 لسنة 2008 المعدل فيه نصوص توضح المسألة أيضاً ومنها:
المادة (2):
أولاً:- مجلس المحافظة: هو السلطة التشريعية والرقابية في المحافظة وله حق إصدار التشريعات المحلية بما يمكنه من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية بما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية .
ثانياً:- تتمتع المجالس بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي ويمثلها رئيسها أو من يخوله . ثالثاً:- تخضع المجالس لرقابة مجلس النواب. رابعاً:- تكون الحكومات المحلية مسؤولة عن كل ما تتطلبه إدارة الوحدة الإدارية وفق مبدأ اللامركزية الإدارية .
خامساً:- تمارس الحكومات المحلية الصلاحيات المقررة لها في الدستور والقوانين الاتحادية في الشؤون المحلية عدا الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية المنصوص عليها في المادة (110) من الدستور .
سادساً:- تدار الاختصاصات المشتركة المنصوص عليها في المواد (112 و 113 و 114) من الدستور بالتنسيق والتعاون بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية وتكون الأولوية فيها لقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم في حالة الخلاف بينهما وفقاً لأحكام المادة (115) من الدستور .
المادة(7):
يختص مجلس المحافظة بما يلي:
وسنذكر البنود محل الشاهد فقط
جاء في البند (رابعاً) منها: "رسم السياسة العامة للمحافظة وتحديد اولوياتها في المجالات كافة وبالتنسيق المتبادل مع الوزارات والجهات المعنية وفي حالة الخلاف تكون الاولوية لقرار مجلس المحافظة".
وجاء في البند(سادساً) منها: " الرقابة على جميع انشطة دوائر الدولة في المحافظة لضمان حسن اداء عملها".
وجاء في البند (خامس عشر) منها : " تحديد أولويات المحافظة في المجالات كافة , ورسم سياستها ووضع الخطط الإستراتيجية لتنميتها بما لا يتعارض مع التنمية الوطنية".
وجاء في البند (سابع عشر) منها : " ممارسة أية اختصاصات أخرى منصوص عليها في الدستور أو القوانين النافذة".
وبالتالي فإنه ليس من حق مجالس المحافظات الاعتراض وعدم الموافقة ومنع تمرير قرار الخصخصة فقط بل من واجبها ذلك إذا رأت فيه ما يضر مواطنيها لأنها المسؤولة المباشرة عن احتياجاتهم والمنتخبة منهم لتمثيلهم، وليس من حق الوزارة التفرد بمثل هكذا قرار ولا التلويح أو التصريح بضغوطات على المحافظات في حال رفضت هذا القرار فالحصة التي تحصل عليها المحافظات من الطاقة الكهربائية وكذلك المبالغ التي تخصص لهذا المجال هي حقوق لأبناء المحافظة وفق السياقات الدستورية والقانونية التي تضع ضابطة النسبة السكانية والمحرومية معياراً لذلك وليست منحة ولا منة من وزارة الكهرباء حتى تهدد أو تلمح بالتهديد بقطعها أو تقليلها.
النتيجة من حق مجالس المحافظات أن تعترض ولا يحق للوزارة تخطي ذلك وإن كان لديها رؤية أخرى فعليها أما مناقشة المحافظات أو العدول عن رأيها أو التعديل فيه أو اللجوء للمحكمة الاتحادية.
|