حميده ام اللبن
                                                                             
في سنة 2014 انقلبت عبّارة كانت تحمل على متنها 475 راكبا اغلبهم من طلبة المدارس الثانوية وقد تسبب الحادث في وفاة 287 شخصا وعلى أثر هذا الحادث قدّم رئيس الوزراء الكوري في وقتها (تشنغ هونغ وون) استقالته على خلفية تعامل الحكومة مع الكارثة وقد قال في وقتها "الاحتفاظ بمنصبي عبئ كبير جدا على الادارة , بالنيابة عن الحكومة اعتذر عن مشاكل كثيرة بدءاً من منع وقوع الحادث وانتهاءاً بالتعامل المبكر مع الكارثة"
بهذه الطريقة تعامل رئيس وزراء كوريا الجنوبية مع المسؤولية التي حمّلها اياه شعبه , علما ان الحادث المذكور كان حادثا عرَضيا ولم يكن هجوما ارهابيا او فسادا اداريا يمكن ان يتحمل مسؤوليته بشكل مباشر.
وهنا في العراق لا يكاد يمر يوم دون ان تقع حادثة من تلك الانواع السالفة الذكر فقد اعتاد الناس عليها والاكثر من ذلك فقد اعتادوا عدم انتظار صدور اي رد من قبل اي مسؤول في الحكومة يمكن ان يظهر فيه امام الملأ ويعلن استقالته محملاً نفسه الفشل او التقصير في عمله.
 بل وصلت البذاءة الى ان المسؤول يرفض تحميله المسؤولية ويمر بحالة من الانكار محاطة بهالة من الغرور تنزهه عن كل دنس وما يحصل هو مؤامرة ضده ومحاربة له ولانجازاته بل تخطى الامر الى ان يجدون اسباباً غير منطقية وتثير السخط والسخرية بعض الاحيان كما حدث في قصف طائرة حربية بالخطأ لمنازل في منطقة بغداد الجديدة قبل عامين ليظهر مسؤول يبرر ما حصل بالقول ان الطيار (سيد من جماعته) وكذلك تردد وزيرة الصحة ومحاولة تهربها من تقديم استقالتها في مقابلة تلفزيونية بسبب حادثة حريق مستشفى اليرموك ثم آخر ما صرَّحت به احد عضوات مجلس محافظة ذي قار معللة زيادة حالات الانتحار بسبب (الابتعاد عن الله والدين).
ان هذه المواقف تذكّر بما قالته (ماري انطوانيت) ملكة فرنسا عندما نقلوا اليها ان الشعب لا يجد الخبر ليأكله فأجابت : فليأكلوا (الكيك) بدلاً عنه.
يحدث في الاوساط الشعبية العراقية وعندما ينكر احدهم انه قام بتقصير ما وينكره بشدة رغم اثباته عليه يتهكم عليه احدهم فيقول ان لم تكن انت فمن ؟ حميده ام اللبن!
وعلى هذا المنوال فقد رفض كافة المسؤولين في الحكومة العراقية تحميلهم مسؤولية ما يحصل للشعب ولذلك لم يبق غير (حميدة ام اللبن) تلك البائعة المجهولة الفقيرة لكي نعصب برأسها كل مشاكل العراق ونحملها نتائج تلك المشاكل.