قانون الانتخابات وتغيير المفوضية يرسمان مستقبل البلاد

افكار واراء ومقترحات تطرح على طاولة النقاش الى جانب مشروع تعديل قانون الانتخابات واستبدال مفوضية الانتخابات الذي وصل الى مجلس النواب وصوت على المضي بمشروع التعديل من حيث المبدأ "202 نائباً وعارضه 79 نائباً" أي ان هذا المطلب الشعبي الذي نادى به المحتجون منذ وقت طويل حظي بتأييد عريض من قبل مجلس النواب يسقط حجج المفوضية والذين يحاولون الابقاء على القانون الحالي.
من ابرز الافكار ان تتكون مفوضية الانتخابات غير القائمة او انها تجري تحت الاشراف المباشر لقضاة بجانبهم مجموعة من الاداريين وكلهم في مهمة مؤقتة من دون هذا الجيش من الموظفين الذين جرى تعيينهم على الملاك الدائم او المؤقت ويكلف الدولة اموالاً طائلة يمكن توفيرها في مجالات اخرى انفع لبلادنا وشعبنا وهي خطوة اصلاحية ان تمت.
وايضاً، هناك فكرة دمج انتخابات مجالس المحافظات والاشتراعية في وقت واحد، لاسيما بعد التأجيل لم يعد يفصل بينهما سوى بضعة اشهر لتوفير النفقات والجهد وعدم اشغال الناس الى فترة طويلة وبتجاذبات وصراعات لا طائل منها، انها تعمق الانقسام في المجتمع.
والاهم من ذلك نحن امام فكرتين في تنفيذ الانتخابات وتترتب عليهما تداعيات كبيرة على الاوضاع السياسية في البلد وادارته ومشاركة الناس في صنع القرار وتطبيقه وانجاز البرامج الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
الفريق الاول والنافذ في السلطة يدعو الى اعتماد تعديل لقانون الانتخابات يتيح هيمنة اوسع للكتل الكبيرة وازاحة الكتل الاصغر او تحجيمها لدرجة تفقد أي تأثير ملموس في العملية السياسية بحجة ان عدداً قليلاً من الكتل الفائزة يمكن ان يسهل التفاهم فيما بينها او يفرز كتلة ذات مقاعد في مجالس المحافظات وفي مجلس النواب يمكن لها بتحالفات محدودة، أي مع كتل اقل، ان تدير المؤسسات في البلاد باغلبية سياسية. وذلك بالامكان تحقيقه من خلال اعتماد نظام "سانت ليغو" المعدل بالقسمة على 7ر1 .
الفريق الثاني والذي يمتلك قاعدة جماهيرية مؤثرة يتبنى تعديلاً آخر، وهو ان تكون نصف المقاعد البرلمانية تنتخب من خلال جعل البلاد كلها دائرة نسبية والنصف الاخر من خلال الدوائر على صعيد المحافظات، و اعتماد "سانت ليغو" بالقسمة على (1) طبعاً ما بين الرؤيتين يوجد اكثر من رأي.
هذا الرأي يتيح اوسع تمثيل للفئات الاجتماعية بين السكان، ويوزع المقاعد بين احزاب وقوى سياسية اكثر، وبالتالي تؤمن مشاركة لمختلف الفعاليات الاجتماعية والسياسية في صنع القرار وتطبيقه من دون تهميش او اقصاء، وايضاً هذا يخفف من حدة الشعور بالغبن والظلم من النظام الانتخابي ويحد من التوتر الاجتماعي.
في الواقع هذا النظام سيضخ دماء جديدة داخل العملية السياسية ويعطيها زخماً لتجاوز ظاهرة المراوحة التي تلفها، وتمنع انفراد القوى السابقة في تكرار تجربتها الفاشلة.
هذه الآلية تجدد من شباب العملية السياسية، وهو مطمح، ايضاً لتحقيق المصالحة الوطنية او التسوية بين القوى السياسية من خلال هذه القوى الاكثر تمثيلاً لجماهيرها، كما ان الكثير منها غير ملوث بأدران النخب السياسية الحاكمة الان، وليس لديها حواجز نفسية من التعامل مع بعضها البعض.
ان عاملاً آخر سيفرض نفسه على الانتخابات، ويلبي هدف الذين ينادون وينزعون نحو عدد صغير من الكتل تتسلم مقاليد الامور، وهو تقليص اعداد اعضاء المجلسين "المحافظة والنيابي الوطني" لان سعر المقعد التعويضي سيرتفع بذات نسبة التقليص، وربما يزداد الى الضعف، وهذا يفرض عمليا على الاحزاب الصغيرة التي لا يمكن بقواها المنفردة والذاتية من تجاوز العتبة الانتخابية ان تبحث عن حلفاء انتخابيين كي تحصل على مقاعد.
وفي النهاية ستتقلص اعداد الكتل الممثلة في الهيئات الاشتراعية والتنفيذية وكلما كانت التحالفات واسعة امكن لها ان تحصد اصواتاً بحسب حسابها وتمثل بصورة مناسبة اقرب الى الواقع.
ان دراسة جميع الافكار والتمعن فيها والاخذ بما هو ناضج والمحقق لطموحات شعبنا وبعيداً عن المكاسب الضيقة وحده الذي يمكن البلد من تخطي ازمته وبناء تجربة تستعيد التأييد المفقود.
القوانين الانتخابية والقرارات المتعلقة بها تضعنا على مفترق الطريق اما الخروج من الازمة الطاحنة او البقاء فيها، فالبلاد بحاجة الى نخب قيادية جديدة تسير بشوط الاصلاحات الشاملة والجذرية للعملية السياسية الى نهايته المنطقية والعصرية ببناء دولة المؤسسات، دولة المواطنة الديمقراطية التي تعيد السلطة للشعب.