خور عبد الله بين التداول الاعلامي والواقع |
حين تطالع الصحف أو القنوات الفضائية فضلا عن برامج التواصل الاجتماعي، قد لا يعدوك خبرا يتحدث عن خور عبدالله، اردنا هنا تسليط الضوء على الموضوع، وبدءا لابد لنا من معرفة ماهو الخور، يمكن تعريفه بأنه منخفض من الأرض مملوء بالمـاء أو مسطح مائي ساحلي يأخذ شكل خليج أو امتداد لساني من البحر داخل الأرض، شبه مغلق يصب فيه نهر أو مجرى مائي من جهة، ويتصل بالبحر من الجهة الأخرى. وخور عبد الله يقع ما بين جزيرتي بوبيان وربة الكويتيتان من جهة و شبه جزيرة الفاو العراقية من جهة اخرى، ويمتد إلى داخل الأراضي العراقية مشكلا خور الزبير الذي يقع فيه ميناء أم قصر. سمي خور عبد الله بهذا الاسم نسبة الى حاكم الكويت عبد الله بن الصباح الاول الذي حكم الكويت مابين (١٧٦٢_١٨١2(م . فبعد غزو العراق للكويت عام ١٩٩٠، اصبح العراق تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة والذي يتيح استخدام القوة ضده كذلك الوصاية عليه، كونه يشكل تهديدا للسلم الدولي، وهذا نتج عنه قرارات من مجلس الامن الدولي، بتشكيل لجان لاعادة ترسيم الحدود البحرية والبرية ما بين البلدين، تم اكمال ترسيم الحدود البرية عام ١٩٩٢, ولحقتها البحرية سنة ١٩٩٣، وصادقت عليها لجان الامم المتحدة حينها، وقد اعتمد ذلك الترسيم بقرار مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة والمرقم بالعدد (٨٣٣) لسنة ١٩٩٣. وذكر القرار بأن لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت لم تقم بإعادة توزيع الأراضي، ولكن وضع تحديد دقيق لإحداثيات الحدود بينهما على أساس الاتفاق المبرم بين البلدين في عام ١٩٦٣,على الرغم من ان العراق في حينه ولاسباب لا تخفى على القارئ الكريم لم يسعى للمطالبة أو ابراز ما الديه من ادلة ووثائق ليحتفظ بها بحقه, وجاء في القرار مايلي (وإذ يذكر العراق بالتزاماته بموجب القرار ٦٨٩ لسنة ١٩٩١, الذي يشكل الأساس لوقف اطلاق النار، كما رحب المجلس بقرار الأمين العام الذي يتطلب من بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت وضع اللمسات الأخيرة على حدود المنطقة منزوعة السلاح التي خططتها اللجنة، كما أعاد التأكيد على أن قرارات لجنة الحدود نهائية، وطالب بأن يحترم العراق والكويت حرمة الحدود الدولية, واعتبر اي خرق يحصل سيتم الرد عليه بحسب ميثاق الامم المتحدة ضمن البند السابع منه. أن ما تبعه من تحركات عسكرية من الجانب العراقي بعدها بشهور وتأزم المنطقة من جديد، دفع الولايات المتحدة الامريكية وقوى التحالف الدولي في حينه الى تهديد العراق مرة اخرى، ما لم ترجع قواته العسكرية الى اماكنها السابقة، وبعد تدخل من الجانب الروسي بذلك، رجعت القوات العسكرية العراقية الى ثكناتها السابقة، وقد صادق العراق على ترسيم الحدود رسميا وفق ماجاء بالقرار المرقم (٨٣٣) لسنة ١٩٩٣ انف الذكر (فلم يكن العراق قد صادق على القرار بعد)، وذلك بقرار صادر من مجلس قيادة الثورة المنحل في حينه. ومن اجل تنظيم الملاحة البحرية بين الجانبين، وقعت بين البلدين (العراق والكويت) اتفاقية عام ٢٠١٢، الغرض منها اضافة الى ما ذكر انفا من تنظيم الملاحة البحرية، كذلك التعاون للمحافظة على البيئة البحرية في الممرالملاحي (خور عبد الله) وبما يحقق مصلحة كلا الطرفين، فهي لتنظيم الملاحة البحرية وليس لرسم الحدود البحرية لان الحدود قد تم رسمها من قبل اللجنة الدولية وصدر بها قرار من مجلس الامن والذي ذكرناه سابقا. ونشير هنا الى الاتفاقية تكونت من (١٦) مادة نذكر منها المادة (١٦) والتي نصت على الاتي : الفقرة (١) : تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بعد تبادل الاشعارات التي يخطر بها الطرف الاخير الطرف الاخر، باستيفاءه الاجراءات القانونية الداخلية اللازمة لنفاذها. الفقرة (٢) : تبقى هذه الاتفاقية سارية المفعول لمدة غير محدودة، ويجوز لكلا الطرفين انهائها باشعار كتابي الى الطرف الاخر امده ستة اشهر، وعلى ان يتم الانهاء بموافقة الطرفين. الفقرة (٣) : يجوز تعديل هذه الاتفاقية بأتفاق الطرفين، وتدخل التعديلات حيز التنفيذ وفقا للاجراءات المنصوص عليها في الفقرة (١) من هذه المادة. الخلاصة فيما يخص ترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين قد تم البت به عام ١٩٩٣ وفق قرار (٨٣٣) الصادر من مجلس الامن الدولي، ولا تستطيع الحكومة العراقية التراجع عن تنفيذه، أما فيما يخص الاتفاقية الموقعة بين الجانبين عام ٢٠١٢ فبالإمكان تعديلها أو الانسحاب منها وكما جاء اعلاه. أن خور عبد الله يعتبر المتنفس البحري والذي يربط العراق بالعالم بحرا، ولابد من ايجاد صيغة ما يتفق عليها الطرفان لتحفظ للعراق حقه، خصوصا وان هنالك بنود في الاتفاقية تتيح لكلا الجانبين اعادة النظر بها. واخير نشير الى أن الحكومة العراقية قامت في عام ٢٠١٠ بوضع حجر الأساس لبناء ميناء الفاو الكبير على الجانب العراقي من الخور فيما بدأت الحكومة الكويتية ببناء ميناء مبارك الكبير على الجانب الكويتي في الضفة الغربية منه. |