نقابة لبناء يوتوبيا طبية

 

التأمين الصحي، المشفوع بالفحص الدوري، موسميا.. كل ثلاثة أشهر، وسيلة حضارية تطبق في كل دول العالم؛ بغية ضمان الوقاية من الأمراض المتوقعة، والسيطرة على حضانة الجسد للمرض، منذ بداية نشوب أعراضه، بمخالب من فايروسات أو جراثيم أو أورام أو إختلال "فسيولوجي – وظائفي".

وبهذا يتمنهج عمل الطبيب، من دون أن يتسلم الحالة المرضية وقد إستفحلت في المراجع، وقد قطعت العلة شوطا متقدما تتعذر معالجته على أي طبيب.. لا في الشرق ولا في الغرب،....

فالعملية الطبية تبدأ بتشخيص المرض، ومحاصرته بالسيطرة عليه، ثم معالجته، بإتجاه الشفاء.. تلك هي السلسلة المنطقية لمراحل عمل الطبيب، لكن جراء الأمية الصحية في مجتمعنا، والتي يرتع فيها حتى المتعلمون، يتفاجأ الطبيب، بأن المرض قطع شوطا لم يعد ممكنا معه معافاة المريض، ولو جاء قبل ذلك؛ لتمكن من إيقافه وربما تيسر الشفاء بجهد أقل.

مع الإتفاق على أن الطبيب معالج.. يخفف الألم.. يساعد الجسد على الإستجابة للدواء، وصولا للشفاء، لكنه ليس مشافيا، ولا يوجد على وجه الأرض طبيب، يتسلم حالة مرضية بضمان الشفاء (كرنتي) لأنه معالج فقط والشفاء من الله وحده.. والطبيب سبب اوجده الرب.

تتضافر الأمية الصحية، مع شحة المستلزمات، في مستشفيات الحكومة، التي تحولت الى مجازر؛ أفادت منها المستشفيات الأهلية، ودول الجوار والهند، أما الأغنياء فيذهبون الى دول متقدمة...

التأمين الصحي ذو ثلاثة "أقانيم – أصول" هي، أولا: برنامج ستراتيجي شامل، يبدأ بالتخطيط والمباحثات ثم التجارب المحدودة، على أُهبة التوسع بها للنطاق الأبلغ، وهذا لابد أن يتزامن مع بناء نظام صحي جديد وفعّال، والثاني: التأمين على كل الاطباء من خلال النقابة، لضمان التأمين على حياتهم ضد الإعتداءات والمرض والأعمال الإرهابية، والثالث: الحماية من تبعات الخطأ الطبي، وهو أصعب خطوط التأمين التي أسميناها أقانيم؛ لأن عمل الطبيب لا يستقيم من دونها، ومهنة الطب لا تنمو مزهرة ثمار نتائج علمية تجعل الحياة "يوتوبيا – جنة على الارض" لا أمراض فيها ولا عناء؛ وهما سببان "بايلوجيان – حيويان" لإطالة العمر.

لذا لابد من نقابة ترعى أقانيم المهنة وتسقي تفاصيلها بنسغ الحياة النابض في قلوب وعقول ووجدان الأطباء، خدمة للمرضى.. في سبيل مرضاة الله والوطن والناس، من خلال تأمين المتطلبات اللازمة لحسن الأداء، وهذا دور النقابة، التي تضع وزارة الصحة أمام مسؤوليتها في توفير متطلبات العمل الجدي، الذي يرتقي بمستشفيات العراق المهملة، الى مستوى الحلم، الذي نسمع عنه في مستشفيات الغرب، وهذا ممكن لو تخلى القائمون على الأمر عن جزء من فسادهم وليس كله.

ومن واجبات النقابة، إنشاء لجنة لرعاية الإكتشافات الجديدة في الطب، لها صلاحيات نظيرة لهيئة القياس والسيطرة النوعية التي تمنح براءة الإختراع، فضلا عن إلزامها وزارات الصحة والعلوم والتعليم العالي بإنشاء دوائر نظيرة، تتضافر معها، في إستلهام تجارب الدول المتقدمة.

كل هذه الأحلام، التي أُطلِقُها، وقدميّ راسخين على الأرض، بينما خيالي يسيح في فضاءات العلم وواجبات العمل النقابي في الطب ومسؤولية وزارة الصحة، التي هي بالتالي حقوق المواطن على الحكومة، مثلما العمل النقابي مسؤولية الأطباء.. فرادى وجماعاتٍ ومهنةً ورسالةً.

آمل ذلك من نقابة قوية مقبلة، تتخذ من تلك الأحلام، برنامج عمل جدي، تواظب على تحقيقه؛ بدأنا خطوات عملية بشأنه من خلال مشروع متكامل مع شركات تأمين إتفقنا معها.

•