أحوال أطفال العراق ومعاناتهم وطفولتهم البائسة لاتخفى على القاصي والداني ولايوجد لها مثيل في أية بقعة من بقاع العالم وفي أي مجتمع مهما كانت درجة فقره وتخلفه.إنّهم محرومون من جميع معاني الطفولة وبراءتها التي منحهم الله إياها. ولدوا تحت أزيز الطائرات وقصف المدافع والهاونات والعجلات المفخخة والعبوات الناسفة ورضعوا الخوف والرعب والقلق مع حليب أمهاتهم , ترعرعوا في كنف الحاجة والفقر وتعرضوا لمختلف أنواع الحرمان من وسائل الرفاهية الى فقدان الكهرباء والماء الصالح للشرب والى أبسط مقوّمات التمتع بالطفولة البريئة ويعيش الآلاف منهم في معسكرات النازحين تحت ظروف خالية من أبسط المقومات الصحية والإنسانية, فلا متنزهات يلعبون فيها ولا مدن ملاهي يمرحون بها ولاملاعب رياضية يفرّغون بها طاقات الطفولة المكبوتة واذا ماتوفرت فهي قليلة جداً وبائسة. يعيشون في حلقة مفرغة فرضتها الأوضاع الأمنية للبلد فمابين المدارس ورياض الأطفال ومابين بيوتهم ولايوجد ملاذ آخر، حيث تضطر عوائلهم لاحتجازهم بين جدران البيوت خوفاً عليهم من رصاصة طائشة يطلقها حماية أحد السياسيين أو من عجلة مفخخة أو حزام ناسف يفجرها ارهابي لادين له لايعرف أي معنى للطفولة والبراءة التي لا ذنب لها في كل ماجرى ويجري من هذه التناحرات.فماذا فعل أطفالنا وما ذنبهم ليحيوا هذه الحياة ومتى ينعمون ويلعبون ويركضون في هواء طلق بلا خوف ولارعب حالهم حال أطفال العالم؟ فأين الحل وبيد من ؟ إنّ الحل بلاشك بيد الحكومة وهو واجب رسمي من واجباتها التي كفلها الدستور فهي الأب وهي رب العائلة ويجب أن تضع ضمن خططها الاستراتيجية للإعمار والتنمية والاستثمار مساحة واسعة لأطفالنا وتخصص جزء من ميزانيات البلد لذلك وهي أبسط حق من حقوقهم الضائعة في ظل صراعات عقيمة يشهدها البلد, ونستطيع تلخيص الأمور الواجب اتخاذها من قبل الحكومة بما يلي: 1.تخصيص جزء من ميزانية الدولة لإقامة مشاريع كبيرة للأطفال مثل مدن الألعاب الحديثة المزودة بأحدث الألعاب الالكترونية ووسائل الترفيه. 2.بناء متنزهات وحدائق كبيرة في جميع المحافظات مزودة بمساحات خضراء ووسائل راحة وترفيه للأطفال وعوائلهم. 3.إنشاء حدائق للحيوانات مزودة بكافة المرافق الخدمية الحديثة. 4.توفير الجانب الأمني لأطفالنا وخاصة في أماكن الدراسة واللعب. 5.الإهتمام بالمدارس ورياض الأطفال والتركيز على تطوير الجانب التعليمي والمهني لبناء الطفل وتنشئته بشكل صحيح وإدخال التكنلوجيا الحديثة في وسائل التعليم ووسائل الايضاح بما يواكب التطور الحاصل في العالم. 6.شمول رياض الأطفال والمدارس بجميع مراحلها بالتغذية المدرسية السليمة وعدم الاعتماد على الحوانيت المدرسية التي لاتخضع لأية رقابة صحية لضمان صحة سليمة لأطفالنا. 7.الاهتمام بالوضع الصحي للأطفال من خلال بناء مستشفيات حديثة متخصصة بأمراض الأطفال وتجهيزها بجميع المستلزمات الطبية الحديثة والملاكات الكفوءة لمعالجة الأمراض المنتشرة في البلاد. 8.الاهتمام بالجانب الرياضي من خلال إنشاء الملاعب والنوادي الرياضية المجهزة بأحدث المستلزمات الرياضية والاهتمام بالرياضة المدرسية التي أصبحت شبه ملغية حيث توزع محاضرات الرياضة والفنية على الدروس الأخرى لكثرة العطل الرسمية وغير الرسمية في البلاد. 9.تطوير الجانب الإعلامي والترفيهي الذي يختص بالطفل وذلك من خلال إنشاء مؤسسات خاصة تهتم بالطفل وتنشئته وتقوم بإصدار المجلات والمطبوعات الهادفة التي تخاطب الطفل ووضع الكفاءات المتخصصة بتربية الطفل في هذه المؤسسات مع مراعاة جانب التسلية والتشويق في تنمية عقول الأطفال لإبعادهم عن ثقافات العنف والحروب. 10.وضع قوانين وتشريعات صارمة تنظم عملية استيراد لعب الأطفال والتركيز على الألعاب المفيدة التي تنمّي عقولهم وتضمن لهم التسلية بنفس الوقت ومنع استيراد الألعاب التي تشجع على العنف والحرب والقسوة والتي تؤثر على نفسية الطفل وتنمّي روح العدوانية لديه. 11.احتضان الأطفال الموهوبين منذ الصغر وفي مختلف مجالات الابداع وتوفير المؤسسات الخاصة بالموهوبين والتي تعمل على تنمية هذه المواهب وتفجّر من طاقاتهم وابرازها بالشكل الذي يعود بالفائدة والنفع للمجتمع. 12.توفير وسائط النقل الخاصة لرياض الأطفال والمدارس وكما معمول به في معظم بلدان العالم. إن هذه المطالب هي أبسط حق من حقوق أطفالنا والتي يجب على الحكومة أن توفرها لهم وتعمل على الإسراع على تطبيقها ووضع الدراسات الخاصة من أجل تنفيذها ووضع الخطط السريعة على المدى القصير والمدى الطويل لجعلها حقيقة على أرض الواقع,ولا أعتقد انها كثيرة على أطفالنا وهم جيل المستقبل الذي نعوّل عليه لبناء مجتمعنا بناءً صحيحاً متحضراً خالياً من أي أثر من آثار العنف والقتل والطائفية والدمار والارهاب. ونحن إذ نطالب الحكومة بهذه الحقوق المشروعة لأطفالنا فاننا يحدونا الأمل بإجراءات سريعة وجادّة لتحقيق ذلك وخاصة ان الخيرات التي أنعم الله سبحانه وتعالى على بلدنا كثيرة ووفيرة ولم نتمتع بها لانحن ولا آباؤنا ولا أجدادنا بسبب الحروب والأوضاع التي مرّت على البلد, ولانريد أن يُحرم أطفالنا منها ,عسى إن ذاقوا من هذه الخيرات وتنّعموا بها تندمل بعض جراحاتنا وننسى القليل من آلامنا حتى نتمكن من ان نسامح بها من ظلمونا وهم كثير, ونجعلها سبباً في غلق كل سجلات الماضي السوداء من أجل عيون أطفالنا وفلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض. |