البحث العلمي و اللغة و والترجمة الالية

"الشخصيات المهمة تتحدث الانجليزية" كما يقول العديد من البريطانيين والامريكيين. وفي الحقيقة لا يؤمن العديد من الناس بذلك ولكن في بعض الاوساط هذا الاعتقاد العام صحيح حيث ان في المشاريع المعولمة تعتبر اللغة الانجليزية هي اللغة الاكاديمية العالمية الوحيدة التي لا يمكن الاستغناء عنها وخاصة في المشاريع العلمية حيث تتزايد الاعمال باللغة الانجليزية .
وهناك لغة علمية خليطة من لغات اوربية اخرى ولهذا اللغة الكثير من الفوائد. وما يظهر اهمية ذلك : تصور ايها القارئ هناك العديد من العلماء يبذلون جهود كبيرة في بلدان مختلفة ولكنهم لا يعرفون نجاحات واخفاقات اقرانهم. والمعروف ان اللغة ساعدت لعدة قرون كوبرنيكوس و وكيبلر ونيوتن في اوروبا للبروز "على اكتاف العملاقة الذين سبقوهم " كما يقول نيوتن. ومع ظهور اللغات العامية الاوروبية ك "لغات جدية " كان من المتوقع ان يقرأ المرء العديد من الاعمال بلغات مختلفة حيث كانت اللغة الالمانية لغة العلم الرائدة .
بدأ العلماء الذين لا يتحدثون الانجليزية الان يتعلمونها ولكن العلماء الذين يتحدثون الانجليزية لا يعيرون اهمية اطلاقا للغات الاخرى. وعندما ادركت المؤسسات الاكاديمية الحاجة الملحة للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات قامت بتقديم وتفضيل هذه العلوم والغت علوم يمكن التخلي عنها وهذا ما حدث في الدول التي تتحدث اللغة الانجليزية الذي تستعمل فيها لغات اخرى كما هو الحال في الولايات المتحدة حيث تحتل الاسبانية المرتبة الثانية في الاستعمال بعد الانجليزية . ففي فلوريدا اقترح المشرعون السماح لأطفال المدارس بتعلم لغة الحاسوب لتلبية متطلبات اللغة الاجنبية في المدارس التي يسجلون فيها .
في الآونة الاخيرة نبه ثلاثة من العلماء الى خطورة سيادة اللغة الانجليزية على العلوم وذلك في ورقة بحثية كتبوها في مجلة بولس المتخصصة ب علوم الاحياء. وهؤلاء هم تاسويا امانو وخوان غونزالس –فارو ووليم سيثرلاند . حيث تطرقوا الى مواضيع يستوجب معها توفر قدر من المعرفة المحلية وخاصة في علم البيئة والحفاظ على الطبيعة . فقد وجدوا في غوغول الاكاديمي حوالي( %64.4 )من مجموع الاوراق البحثية التي تذكر البيئة والتنوع الاحيائي كانت مكتوبة باللغة الانجليزية و (%12.6 ) باللغة الاسبانية أي ان اللغة الثانية كانت الاسبانية والفرق كبير كما يبدو . والكتابة بلغة واحدة في أي علم من العلوم ليس من الامور الجيدة . ففي سنة 2004 لم تتم قراءة الاعمال الخاصة بانتقال مرض الإنفلونزا من الطيور الى الخنازير لأنها مكتوبة باللغة الصينية وكان العالم في خطر . وفي عينة الدراسة التي قدمها العلماء الثلاثة تبين ان نصف الاوراق
البحثية المكتوبة بالإسبانية وثلث الاوراق المكتوبة باليابانية كانت مرفقة بملخصات باللغة الانجليزية. ويبدو ان الاوراق التي كتبت بملخصات انجليزية كان اكثر ما يحتمل ان تنشر في مجلات مشهورة عالميا ومحكمة . وقد اظهرت حالة انفلونزا الطيور هذه عدم الالتفات الى ما يكتب بلغات اخرى و قلما يقرأ. فهناك العديد من العلماء الجيدين مازالوا لا يستطيعون الكتابة باللغة الانجليزية .
الحل اذن هو ليس ايجاد بديل للغة الانجليزية ولكن تشجيع تعدد اللغات عند العلماء في الاماكن المهمة وتظهر الحاجة الى هذا التعدد عندما يتطلب الامر اليه. ويمكن ان يكون ذلك مفيدا للذين لا يتحدثون الانجليزية . وقد اظهرت الدراسات ان الكتابة والتفكير بلغة ثانية يمكن ان يشجع على ظهور صيغة معروفة عالميا من التفكير.
وان تعدد اللغات امر مطلوب بعدة طرق. ففي علوم مثل : علم النفس وعلم الاحياء والطب حيث يعمل الباحثون الجامعات عادة مع أحياء كالمرضى مثلا ومع جامعي المعطيات والبيانات ( مثل خبراء النبات والحيوان ) والامر هنا يتطلب تحدث لغات اخرى . وسيكون للعالم ثنائي اللغة الذي يستطع كتابة كل ذلك باللغة الانجليزية ستكون له مزية التفوق على الغير.
وبطبيعة الحال سيزداد عدد العلماء من الشباب الذين يتكلمون اللغة الانجليزية. وسوف يضمنون توفر ملخصات انجليزية وكلمات مفتاحية واضحة . وهذا قد يكون اكثر اهمية من الملخص الاصلي نفسه . ولكن يمكن ان يكون للمؤسسات و للعلماء الذين يتحدثون الانجليزية دورا مهما في ذلك. حيث عندما يكون العمل العلمي عملا مهما في منطقة ما او اقليم ما عليهم التأكد من توفر الملخصات والكلمات المفتاحية مكتوبة باللغات ذات العلاقة.
ان تغير الممارسات يستغرق وقت طويلا. وحتى بلوغ ذلك يمكن ان تساعد الوسائل التكنولوجية في ذلك . فقد تحسنت الترجمة الالية في الفترة الاخيرة وانظمة الترجمة الالية المتخصصة لمثل تلك التي صممت خصيصا للتعامل مع نصوص حول البيئة تعتبر اكثر دقة من الانظمة العامة المصممة لكل انواع النصوص ( مثل تلك الانظمة المجانية الموجودة اولاين). ان بناء انظمة مثل هذه اصبح امرا سهلا ورخيصا. واذا العلماء دعموا تطوير انظمة ترجمة الية مثل هذه . يمكنهم الحصول على خلاصات عملية لملخصات بشكل فوري وبعدها يقررون أي من الاعمال يستحق ويستجوب الترجمة الكاملة.
والبديل هو مستقبل تتم فيه كل الاعمال باللغة الانجليزية. وفي عالم مستقبلي كهذا لن تستطيع اللغات الاخرى تطوير المفردات والتعابير التقنية المطلوبة للعلم . ولكن استخدامها سيقتصر على المجتمع والمنزل وهذا ما سيعاب عليها.