الجاليات المسلمة والإسلام!!

 

معظم الدنيا إعتنقت الإسلام بفعل وتأثير القدوة الحَسنة , وهذه حقيقة إنتشار الدين الإسلامي في أصقاع الدنيا وفي زمن قصير بالقياس إلى غيره من العقائد والأديان.

وهناك مجتمعات بأكملها دخلت الإسلام أفواجا أفواجا بما عايشوه من خلق قويم وقدوات سلوكية سامية , تمثلت بسلوك التجار المسلمين الذين كانوا يتعاملون مع مجتمعات الدنيا , في وقت لم تكن وسائل الإتصال معروفة , وإنما يتواصل الناس ببعضهم مباشرة وخصوصا عن طريق التجارة.

ويبقى الإنسان المسلم في دول المَهجر يمثل الإسلام شاء أم أبى , ويُنظر إليه على أنه الإسلام رغما عنه , ولا خيار له في ذلك , فهكذا الناس تتعرف على معتقدات غيرها من خلال أصحاب المعتقدات أنفسهم , لأنهم لم يقرؤا كتبهم ويمارسوا طقوسهم , وإنما يدركون عقائدهم من خلال السلوك المتحقق أمامهم.

والجاليات المسلمة في بلاد المَهجر لم تقدم القدوة الحسنة , واصورة الطيبة عن الإسلام كدين وخلق وسلوك , وإنما عبّرت عن الكثير من السلبيات , وتحولت إلى نسخ لِما يتحقق في مجتمعاتها , أي أنها نقلت صورة مغلوطة وسلبية عن الإسلام.

وما يحصل أن السلوك الفئوي والطائفي يتجسد ويتأكد في الواقع المَهجري , فكل مركز عبادة عليه أن يختلف عن غيره , بل أن العديد من المراكز المُسماة إسلامية ربما يتم تمويلها من دول ذات نزعات طائفية وسياسية وفئوية , ويتم التثقيف وفقا لمناهجها , فتنعدم ثقافة الدين الإسلامي بمبادئه الجوهرية وأخلاقه وقيمه ومعطياته الحضارية , وإنما يكثر الكلام عن الغابرات وتأجيج العواطف والإنفعالات , وتقديم صورة مشوهة عن الدين , يحسبها الآخر حالة شاذة وغريبة عن العصر.

ومعظمهم يقومون بأدوارهم وفقا لبرامج تخدم غايات وأهداف تصب في مصلحة  توجهات قد تكون ممولة من حيث لا تدري وتدري , وبذلك فأن النشاطات القائمة لا تخدم الإسلام ولا تصنع جالية مسلمة , بل أنها تدفع بأبناء الجاليات إلى الرفض والشطط , لأن الثقافة ليست إسلامية وإنما فئوية وطائفية , وتريد لأجيال تعيش في مجتمعات ديمقراطية تعلمت توظيف العقل أن تتمثلها وتمارسها , وفي هذا إعتداء على أبناء الجاليات الإسلامية.

وفي واقع ما يجري أن الإسلام النقي الجوهري الطاهر الواضح المبين لا يتحقق في المراكز الإسلامية للجاليات المسلمة في المهجر , وإنما العكس هو الذي يسود , وما يقوم به أبناء الجالية المسلمة من نشاطات وتفاعلات على المستوى الشعبي يعطي صورة مشوهة عن الإسلام , فما عادت هناك نشاطات ودعوات بإسم الإسلام الواحد وإنما الدعوات تكون ذات طابع فئوي وطائفي , ويقوم بها ذوي الشهادات والإختصصات وكأنهم لا يعيشون في مجتمع ديمقراطي معاصر , تتفاعل فيه جميع الأديان والمعتقادات والأجناس البشرية.

وهذه عجيبة عربية إسلامية تتجسد في بلدان المهجر , وأبطالها العرب المسلمون وبلا منازع!!

فكيف يُراد من الآخر أن يحترم الإسلام ولا يعاديه , ونحن نذله ونمزقه ونقدمه على أنه دين تلاحي وطوائف وفئات وأحزاب وكراسي وعداوات؟!!

فلماذا نعتب على الآخر ولا نعتب على أنفسنا وننظر ما نحن فاعلون بديننا , الذي أجهزنا عليه كالسكارى بالأضاليل والإفتراءات؟!!

وتلك حقيقة أمة أعزها الله بالإسلام وأذلها بنكرانه وجهله!!