سوريا غفور رحيم والعراق شديد العقاب! |
قضايا ساخنة يمتلأ بها عالم اليوم، والمثالية التي كان يتوقع أن يتعامل بها، مع ثورات الربيع العربي كما تسمى، جاءت مخالفة لعالم فن الممكن، وإقناع الأطراف المتقاتلة بالحلول والمعالجات السلمية، ومن الطبيعي أن الأمور لن تصل لهذا المستوى، ما لم تتدخل الدول الأخرى بالسلب أو الإيجاب، والأمثلة كثيرة جداً فما يحدث في المنطقة العربية، خير دليل على قوة التدخلات الدولية والإقليمية، بما يضمن مصالحها ولأطول مدة ممكنة، وهذا ما يسمى حرب الإستنزاف والإستعباد العالمي الجديد.
لقد تعامل العالم بشكل مختلف جداً مع القضية السورية، عما تعاملوا به مع القضية العراقية، علما بأن الإرهاب الداعشي تسرب لنا من سوريا، منذ ما يقارب الثلاثة أعوام، بسبب بعض القوى التي كانت تتوقع دولة العدل الداعشي في مناطقها، لكن العكس قد حصل، فدولتهم المزيفة عبارة عن خرافة دينية جاهلية، أوهمت المغرر بهم أنها الدولة المنشودة، لكن لماذا توصلت بعض الدول الإقليمية الكبيرة لإتفاقات سياسية، ألجمت الإرهاب ومَنْ يدعمه، بينما يتفرجون عما يحث في العراق؟!
التسوية السورية التي بدأت بمفاوضات الأمم المتحدة، وأوقف على أثرها إطلاق النار في مدينة حلب، وإجلاء المسلحين في يوم الحافلات الخضراء، التي أقلت أعداد كبيرة من المقاتلين والمعارضين، وحتى الإرهابين مع بعض عوائلهم، والتي لا تنطلي علينا لعبتها، حيث لا يمكن تبييض الوجه القبيح للإرهاب، والجماعات المتطرفة بمثل هذه الإجراءات، على أن إتساع دائرة التنسيق الروسي الإيراني التركي، في حلحلة الوضع السورية يحسب لهذه الدول، ضماناً لعدم إنتقال الإرهاب لأراضيها، والذي أقلق العالم وبالتحديد أمريكا.
المحادثات التي جرت مؤخراً في كازاخستان، والتي سميت بمحادثات آستانا، تضمنت مشاركة روسيا وإيران وتركيا بإشراف الأمم المتحدة، كما أعلنت السعودية والأردن عن عزمها بالمشاركة، والحقيقة أن محاثات بهكذا مستوى، يتطلب أيضاً حتى مشاركة فاعلة للعراق، لأنه أول الدول المجاورة التي تأثرت بالإرهاب والخراب، فكيف تشارك دولاً في التسوية السورية، وهي داعمة وبالعلن للجماعات الإرهابية، فهل ما يحدث بسوريا غفور رحيم، وفي العراق شديد العقاب، أم أن الأمور تُطبخ في مطابخ الموساد والبنتاغون وتنفذها الدول؟!
هناك أطراف دولية كثيرة تساند ورقة التسوية السورية، بسبب الأوضاع الكارثية التي وصل إليها الشعب السوري، طيلة أكثر من خمس سنوات، والعراق كذلك عاشت مناطقه المغتصبة، من قبل عصابات داعش الإرهابية أوضاعاً مأوساية، رغم أن هناك فرقاً عقائدياً بينهما، وهو ما خفف من وطأة المعاناة، ألا وهي إصدار فتوى الجهاد الكفائي، التي حفظت الأرض والعرض، لكن مفاوضات التسوية الوطنية التي دعا اليها التحالف الوطني، لم تلقَ ذات التأييد والمشاركة، التي تلقاها التسوية السورية فما السر؟!
بعد تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، حتى بدأت بودار الإستراتيجية الأمريكية الجديدة، في الشرق الأوسط بطابعها الإنفعالي، فإنها تكشف عن ضعف الحكومة العراقية في التعامل معها، خاصة وأنها مرتبطة بإتفاق أمريكي عراقي في عهد الريس أوباما، فهل سيتعامل العراق مع الوضع العالمي الجديد، الذي يقضي بالخلاص من داعش في غضون 30 يوماً كما يدعي ترامب، وهل ذلك مدعاة لظهور إرهاب جديد، تم إنتاجه مسبقاً، لتديره أمريكا بأصابع عربية خفية، وشعارات أكثر عنفاً من داعش؟!
|