تيارات يمينية ام قومية
في سابقة لفتت الانظار هاجمت مرشحة اليمين الفرنسي ماري لوبان مفهوم العولمة حيث قالت امام حشد من مؤيديها في مدينة ليون شرقي فرنسا "ان العولمة تخنق المجتمعات ببطئ حتى الموت" وقالت ايضا ان العولمة "قادت الى تصنيعٍ من جانب العبيد بهدف البيع الى العاطلين عن العمل".
ان مفهوم العولمة قد ظهر اصلا في الغرب حيث نشأت الانظمة الاقتصادية والثقافية الحديثة المصاحبة لها والتي يغلب عليها الطابع الثقافي الغربي فلماذا يتم الان انتقاد هذا النظام القائم على جعل كل شئ عالميا من خلال دول روَّجت له بادئ الامر ؟
لقد عكفنا في مجتمعاتنا الشرق اوسطية على مهاجمة مفهوم العولمة وانتقادها لما تمثله من (غزو ثقافي) يؤدي الى الغاء الهوية الوطنية والقومية لشعوب منطقة الشرق الاوسط فمنعت (انظمتنا الشمولية) كل ما يروج الى الثقافة الغربية المتسلل الينا بذريعة العولمة وشددت هذه الانظمة على الهوية القومية والتأكيد عليها ومنع اية افكار او ثقافات حتى وان كانت تمثل هوية اقليات تعيش وسط صخب منطقتنا العربية.
الملاحظ ان هذه النزعة التي كانت ولازالت في الشرق الاوسط قد انتقلت عدواها وتصاعد تأثيرها في الغرب المُصدِّر والمنشئ لمفهوم العولمة فقد برزت التيارات الفكرية ذات الاتجاه القومي والديني الممثل للهوية الاصلية لتلك الدول عند نشأتها بعد ان عملت العولمة على الغاء تلك الهويات وتفاقم حالات الهجرة الى الدول الغربية وظهور جاليات ومجتمعات كبيرة تمارس نشاطاتها الفكرية والثقافية المغايرة للثقافة الغربية وبشكل كبير مما ادى الى حدوث رد فعل فكري وثقافي معاكس من قبل الشعوب الغربية ,فكانت ابرز تلك الردود خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي (البريكست) والشعار الذي اعلن عنه (دونالد ترمب) بعد ادائه القَسَم حلال مراسيم تنصيبه حيث كرر جملة (امريكا اولا) ثلاثة مرات.
ان تلك التيارات الواقعة تحت مسمى (تيارات يمينية) لم تكن كذلك بقد ما هي تيارات (قومية) و(وطنية) بالنسبة لمؤيديها بعد ان أدت العولمة في الدول الغربية الى حدوث مشاكل اقتصادية وفكرية وثقافية باتت تهدد الهوية القومية والدينية لتلك الشعوب فهذه التيارات قد نشات اول مرة في دولنا العربية لكننا لم نكن نسميها (يمينية) رغم انها كانت (حركات قومية متشددة) وهذا التشدد ظهر فقط عندما ازدادت تجارة الاجهزة الالكترونية والصحف والمجلات الاجنبية, فماذا لو كانت هجرة سكانية كبيرة من مكون يحمل ثقافة وفكرا مختلفا عنَّا.