الاخ الاكبر وأنفصال الاقليم .


أختصر المسؤولين الاكراد الطريق على الكتل الشيعية وبالذات على زعيم التحالف السيد عمار الحكيم وهم يعلنون بالمباشر اننا ماضون لدولتنا وما تتحدثون به لايعنينا . بالتأكيد الكلام هذا الذي سمعه الوفد الباحث عن مشتركات التسوية بين الكتل والمكونات العراقية لم يكن ويمثل مفاجئة للوفد طبعا فالسادة الاكراد من مسئوليهم والى المواطن جميعهم يتحدثون عن حق تقرير المصير وهؤلاء المسئولين لا يترددون يوما بقول هذا الكلام منذ العام 2003 والى الامس القريب وحتى اولاءك المسؤولين العاملين في الحكومة من وزراء وبرلمانيين لايألون جهدا بالعلن قولا ان للاقليم حق هو الانفصال .
هذا التسويق الكردي والى يومنا هذا كل هذه السنين لم يفاجأ ايضا المواطن العراقي الذي بدأ يتساءل متى يحصل هذا الجفاء او متى هذا الانفصال او قل ربما يتسائل متى تتكون للعراق دولة جارة اسمها كردستان ولم يعترض او يتذمر ولم ينزعج حتى لمثل هذه الاقاويل وبات ينتظر الفعل اليوم قبل الغد ,, في كل السلوكيات المجتمعية وخاصة المواطنة منها اقصد المواطنة الصالحة ان اي مواطن يتزعج جدا وينفعل عندما يعرف او يعلم ان هناك اعتداء على ارضه او سماءه او ماءه وقد يصاب بالغضب الشديد اذا عرف ان جزء من وطنه مهدد بالاحتلال من قبل قوة اخرى او من انفصال جزء من بلده ليكون وطن آخر بعيد عنه هذه طبعا من بديهيات المواطنة الصالحة لكن الحال هنا مختلف ان يصل بالمواطن نفسه ان يطلب من جزء من بلده ان ينفصل او يكون دولة ويبارك له بهذا التحول الغريب .
ما يحدث اليوم في التعامل الغريب بين الاقليم وبين بغداد العاصمة مثير للعجب فربما ولادة مثل هكذا نوع من العلاقة المتشنجة بين المواطن العادي على طرفي المكانين ولد مثل هذا الشعور فلقد وصلت في بعض الاحيان مديات من الكراهية عند المواطن الكردي قبل السياسي للعراق وبات معلن كل يوم حتى أن البعض تربى على ثقافة الكراهية لوطن اسمه العراق هذا الذي يحصل يوميا وتسمعه في الاقليم يوميا وفي باقي مدن العراق ايضا اننا لابد من ان ننسى اسم العراق او اننا لابد من أن ننسى اسم الاقليم ,,من المؤكد ان السياسات والإعلام والتوجهات والأحلام القومية المتطرفة هي التي اوصلت المواطن الى هذا الحال المؤلم على الرغم أن ذالك المواطن لازال يعيش على موارد وأموال مناطق ومحافظات تدر عليه الرواتب والمنافع والميزانيات ولم تتوقف هذه الامدادات المالية لمواطني الاقليم على الاقل وكذا الحال ايضا ان المسئولين المتحدثين بمثل هذه اللهجة ويتبوءون مناصب خطيرة يتحدثون بهذه اللهجة ويستلمون مرتبات عالية من الخزينة الاتحادية هم وعوائلهم .
لم تكن تجربة اقليم كردستان القادمة هي وليدة احداث آنية بل حدثت مثلها الكثير من التجارب وعاشت تلك الشعوب كجار تسيره القوانين الدولية وحسن الجوار والتعاملات القانونية وتبقى الشعوب بارتباطاتهم ومصاهراتهم على جانبي الحدود محل تقدير للجميع لكن الكراهية التي تتزايد سنويا تعني ان المستقبل للدولتين كجيران معرضة للهزات ولامناص من الاحتكاكات العسكرية في فترة ما ذاك لان التعامل الانساني سيكون تعاملا قهريا مكروها ولا غرابة في صناعة أحداث مؤلمة تؤثر بالسلب على الدولتين .
في الاتحاد السوفيتي السابق عشرات الدول التي انفصلت وعادت كدول مثلما كانت قبل ان تكون الاتحاد السوفيتي لم تتأثر شعوبها بهذه التحولات على الرغم أن تجربة الاتحاد السوفيتي لم تكن قديمة جدا بل انها حديثة قياسا لدولة العراق التي تعيش بمكوناتها المعروفة منذ آلاف السنين فليس الاكراد هم مكون طارئ اتحد مع العراق في ظروف معينة واليوم يعود كما كان قبل مئة او مئتين او خمس مئة سنة بل هي دولة واحد تعيش فيها تجمعات سكانية ذات قومية واحدة في اماكن متقاربة فالاكراد في الشمال والعرب يعيشون في وسط وجنوب العراق ,,فالدول المنفصلة من الاتحاد السوفيتي عادت اليوم تتعامل مجتمعيا وقانونيا وعرفيا مع باقي المكونات الاخرى المنفصلة كدول مع الاتحاد السوفيتي السابق وهي ايضا تشعر او لا أنها تشكل دولة واحدة بتكاملات اقتصادية مستمرة وتكاملات مدنية ايضا وتكاملات ربما ايضا عسكرية بأتفاقيات استراتيجية لحماية امنها وكذالك تكاملات صناعية وتجارية وزراعية فبناء مفاعلات نووية في بعض المدن السوفيتية والتي اليوم هي دول او مصانع زراعية اومعامل ضخمة موزعة على اراضي عشرات الدول التي كانت يوما تحت جناح النسر السوفيتي وأصبحت اليوم دول وحدود وعلاقات مهمة معهم لكن لاضغينة ولا كراهية بين شعوب تلك الدول وحكومة روسيا الدولة الام لهذا التكون فالجميع يعي أن الجيرة وأمتداد الحدود لمئات الكيلوات هو الباقي والشعوب الجارة لا تنتهي ومن ينتهي هم الحكام وصناع التأجيج والكراهية .
فما اعلنه الجانب لكردي واضح ومعلوم جدا بقول المتحدث باسم الحكومة الكردية أننا لا نخجل بعد اليوم من التحدث عن الانفصال مع الحكومة الاتحادية وهذا القول هو دليل صارخ أن اوراق التسوية التي قدمها السيد الحكيم للأكراد وان تحدثوا عنها لكن الحديث لايخلوا من المجاملة السياسية ليس الا ,, مهما تكن النتائج في الاشهر القادمة او السنين القادمة فأن الدولة الكردية أن حدثت تبقى هي الجارة الشمالية شئنا أم ابينا نحن العرب والاكراد وبالتالي فأن الوجود بين الدولتين هو الباقي والمصالح المشتركة يجب ان تتماثل للعقلانية فالجميع يحتاج الجميع وأي صناعة للكراهية يعني التوتر بين طرفي الحدود وحكام اليوم لا يستمرون الى الابد والتاريخ ايضا يوثق الحقائق ولايمكن ان يغفل اي مفردة من هذا الوجود بين المجتمعات .