كردستان وحلم الاستقلال



   كردستان العراق؛ أرض الأكراد القومية, منذ مئات السنين, عانى ما عانى أهلها من ظلم الحكومات, وسطوة السلطات, والحروب المدمرة, وصلت للإبادة الجماعية, أتخذ زعماءه الجبال ملاذ آمن لهم لأجل تحريرها, من بطش الطائفية والدكتاتورية, فأمنوا بعدما عُزلت عن طيار بغداد عام 1991, وتأقلمت بعد التغيير, فقدح حلم الاستقلال بأذهان أبنائها.

   لا يخفى إن صراع أكراد العراق, يمتد لعقود طويلة مع السلطات الحاكمة في بغداد, للتدخل الخارجي, والحسابات الإقليمية الأثر البالغ في ما وصل اليه الحال في كردستان آنذاك, من زهق للأرواح, ودمار للمدن, وخراب البنية الاقتصادية والتنموية, مصير الاكراد لم يكن محصوراً داخل العراق, بقدر إن المصير مشترك, موزع على عدت دول مجاورة في مقدمتها؛ روسيا وإيران والعراق وتركيا وسوريا.

   إن الحديث عن استقلال كردستان العراق, لم يكن قديماً, بقدر إن الصراع كان من أجل الحكم الذاتي, لكن تصدر قضية الاستقلال المسائل الرسمية, برزت بعد التغيير 2003, نتيجة السياسات التي تستخدمها حكومة بغداد 2006-2014, أثر أعداد الميزانية العامة للعراق, التي باتت ورقة ضغط, ومساومة بين بغداد واربيل, لتحقيق مصالح سياسية معينة, خلالها يبرز أمر هام, متعلق بضعف اقتصاد الداخلي لكردستان.

   الاقتصاد؛ يشكل العمود الفقري في بناء أي كيان, عليه يعتمد مدى الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي, إقليم كردستان لم يملك اقتصاد جيد, يضاهي دول الجوار, ما يجعل ذلك معرقل كبير أمام طموحاته الأكراد, فيما يأتي عدم امتلاك الإقليم الجيش الوطني الموحد, عقبة مهمة تعيق التحديات المستقبلية, لاسيما إن كردستان لم تكن تتمتع بوحدةعسكرية مشتركة, فكلا القطبين فيها له جيش خاص.

   ما يجعل الجميع أمام أمر واقعي, هو عدم توفير وتهيئة الأجواء المناسبة داخلياً وخارجياً, فالأحزاب الكردية تعيش حالة من الصراع السياسي, وعدم التوافق فيما بينها, خاصة الاختلاف المعلن على رئاسة الاقليم, المحصورة في قيادة الحزب الديمقراطي, ما ينجر أصلاً الى الإخفاق الإداري في توحيد السلطة بين السليمانية وأربيل, فالظاهر أن الحكومة موحدة, وهذا باعث أعلامي جيد, لكن الحقيقة غير ذلك.

   وجود فجوات كبيرة بين الأطراف الكردستانية, يعطي مؤشرات, إن عدم الاستقرار الداخلي, لا يؤدي الى تفاهمات حول تقرير المصير, هذا الأمر يرجع لصوت الشعب الكردي, الذي يعاني الامرين بين الضغوط المعيشية, بسبب الضعف الاقتصادي, وعدم التفاهم مع بغداد, والمستقبل المجهول إذا تمت المغامرة بالاستقلال, لذا لا يرجح طرح قضية الانفصال بشكل حاسم وحازم, فنتائج الاستقلال في الوقت الراهن غير مجدية.

   رغم إن حديث حلم الاستقلال؛ يزداد كلما اشتدت الازمات داخل الاقليم, أو تأزمت مع بغداد, فالحلم الحقيقي للأكراد, ما زال يحبو, خاصة إن مسالة الاستقلال تحتاج للمزيد من كسب الأصوات الدولية والإقليمية, لكن الحقيقة تقول؛ إن كردستان لا يمكن أن تنفصل عن الوطن الأم, هذا ما تشير إليه الدلالات التاريخية.