اللدغ للمرة الرابعة |
قبل أربعة عشر عاما، عقب سقوط النظام السابق وبدء تشكيل الحكومة العراقية، ولدت مصطلحات لم تكن موجودة في سجل يوميات العراقيين. منها على سبيل المثال لاالحصر مصطلح (الكعكة العراقية). وأظن غياب هذا المصطلح إبّان حكم صدام كان سببه أن الكعكة برمتها كانت لشخص واحد، وببطشه وظلمه وقمعه ودكتاتوريته، لم يكن يحق لأحد غيره أن يحلم بنيل (لطعة) واحدة من هذه الكعكة. أي أن الكعكة أتت أكلها، وطابت نكهتها وصارت بمتناول الأيادي بزوال الظالم والدكتاتور، وهذا ما تشهد له أحداث مابعد عام 2003. يومها برز على الساحة العراقية أشخاص من داخل العراق وخارجه، وهب الى أرضه رجالات من كل فج عميق، وظهر فجأة من ينادي بالوطن من كل حدب وصوب، وهم تحت مسميات عدة. فمنهم المعارض، ومنهم المطارَد ومنهم المهمش ومنهم المنفي ومنهم المحكوم بالاعدام. كما أن كثيرا منهم جاء بلباس السياسي، فيما هو في حقيقة الأمر كان في دولة غير بلده يمتهن مهنة حرة، كالتجارة او الطب او التدريس، اوكان باحثا في مجال ما، او لم يكن يمتهن شيئا غير اللجوء. وقطعا لاينكر ان هناك من بينهم من كانوا يتبوأون مراكز عليا في مؤسسات البلد، في زمن النظام السابق، ومن كانوا يشغلون مناصب مرموقة، ووظائف حساسة، لكن لايمكن القول انهم كانوا في مواقع قيادية.. فالقيادة كانت بيد شخص واحد، ولايمكن لكائن آخر مهما كان منصبه ومركزه، ان يتدخل حينها في أي قرار من لدن القائد الضرورة، سواء أكان القرار صائبا أم خاطئا!. وبتحصيل حاصل.. لو استثنيا الشخصيات الصادقة والصدوقة، صاحبة الماضي العريق والمشرف في النضال ضد الدكتاتور، والذين قدم بعضهم حياته ثمنا لنضاله، او الذين عادوا الى أرض الوطن بعد سقوط النظام لخدمة العراق والعراقيين، وكذلك الشرفاء الذين لم تثلم وطنيتهم إغراءات المناصب والجاه والمال، فان الساحة السياسية أصبحت عقب السقوط أشبه بحلبة مصارعة، شهدت اقتتالا شرسا ومستميتا على جملة مكاسب، لم تكن واحدة منها تمت الى الوطنية بشيء، فكانت تسمية الكعكة أدق التسميات، واقتسامها كان أصدق تعبير وأقربه الى واقع سياسيي تلك السنين. بل أن أغلبهم كشف بعد تسنمه مهام أعماله، عن أوراقه الحقيقية ورسالته التي كلفوه بها أسياده، للعب بها على طاولات مجالس الدولة الثلاث، ولاسيما طاولة المجلس التشريعي، الذي أثبت عدد كبير من النواب فيه، انهم يمثلون أجندات وجهات ينصاعون لأمرها، ولا يمثلون الناخبين الذين تحدوا الظروف الأمنية الصعبة التي رافقت العمليات الانتخابية الثلاثة الماضية، لكي يصوتوا لمن ظنوا فيه الظن الحسن. وما حدث في المرة الأولى، كان نفسه الذي حدث في الثانية، والثانية بدورها نقلت ماحدث فيها الى المرة الثالثة، ليجني المواطن حصاد خطئه الأول بالتتالي والتعاقب والتوالي. أما من انتخبهم، فكما تصارعوا في الأولى على الكعكة، تصارعوا في الثانية أيضا، ومافتئوا يتصارعون في الثالثة، وليس بعيدا -بل هو مؤكد- استمرار تصارعهم في الرابعة والخامسة والعاشرة، مالم يقف المواطن موقفا جديا وصائبا وصارما أمامهم في الانتخابات المقبلة، فيعطي بكل اقتدار كل ذي حق حقه، وكما يقول مثلنا: (ينطي كلمن طينته بخده)، واظن اللدغات الثلاث السابقة كافية، ومن العيب أن يلدغ المرء من جحر أربع مرات. aliali6212g@gmail.com |