تمسكوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة |
يقال أن (سر نجاح أية مقالة، يكمن في أكبر كم من المعاني، والمعلومات، والصور، في أقل قدر ممكن من الألفاظ)، فكيف إذا كان بكلام لأمير المؤمنين ويعسوب الدين، علي بن أبي طالب (عليه السلام) عندما قال:(تمسكوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة).
هذه العبارة البليغة المنظمة والمسبوكة، تنطبق على حالنا اليوم، وكأنها كُتبت من أجل هذا الزمان والمكان، رغم مرور ألف وأربعمائة عام عليها، فمنذ عقد ونيف شهد العراق، سقوط الدكتاتور وقائد الضرورة، ليبدأ العراقيون تجربة من المفترض، أنها ديمقراطية بكامل معناها وليس أحرف منها (دم)!
كثير من الرجال الأحرار، توقعوا أن التغيير يجب أن يبدأ من الداخل، ليقودوا بأنفسهم كمية الديمقراطية الوافدة للبلد، أما ما حدث فإن الإحتلال الأمريكي، وما قرر بعده على يد بريمر، من قرارات سيئة الصيت، فقد ألقت بتبعاتها على مستقبل العراق، وما يزال الشعب وحكومته حتى بعد الانتخابات، يقرعون أبواب القوانين التي وضعها الحاكم المدني المتبجح، والمدعي بأنه جاء للعراق محرراً وفاتحاً، على أن مقدار الخراب والفوضى، التي حدثت بسبب سياسات حكومته التوسعية، كانت تؤسس لسيادة شكلية ووصاية أمريكية، يدفع ثمنها المواطن العراقي.
مخطط خبيث رُسِمت خطوطه ليبقى العراق متأخراً، وذلك حين أعطوا دروس الديمقراطية دفعة واحدة، فأعطبت عقول بعض رجال السياسة، وجعلتهم لا يفكرون إلا في المكاسب والمصالح، وهم بذلك كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، تمسكوا بشجرة الديمقراطية لكنهم أضاعوا ثمرتها، وهي الخلاص من الظلم، والطغيان، وحلَّ بالعراق الف طاغية وقائد ضرورة، (أم حسين جنتي بوحدة هسه أثنين).
يا ترى ما المشاهد التي سنراها لا حقاً، بعد صور التطرف والإرهاب، الذي دخل العراق بحجج دينية زائفة، حيث الدمع والدم في كل مكان، والمحاصصة، والتحزب، والطائفية، ألقت بظلالها على وحدة النسيج الاجتماعي، لمكونات الشعب العراقي، ثم أن مرحلة داعش التي بدأت في 10/6/2014 ،أفرزت العديد من المؤشرات المهمة، التي إكتشفها العراقيون بأنفسهم، وذلك عن طريق التهجير، والقتل، والذبح، وتدمير الحضارة، صور لم تكن مألوفة لدينا، لأننا فرحنا بالديمقراطية، حديثة الولادة في بلدنا وعلى حكومتنا.
ختاماً: لابد علينا نحن كمواطنين، أن نرسم صور التلاحم البطولي بين مكونات الشعب، حتى تسقط رهانات الأعداء، وكشف زيف أقنعة الإرهابيين ومَنْ يمولهم، لذلك أيتها الحكومة الموقرة، بعد تحقيق النصر النهائي على داعش، لا بد لكِ من وقفة حاسمة وحازمة، لكي تتمسكي بالشجرة، حيث جذورها، وأوراقها وثمارها، لينهض العراق من جديد برجاله، من أجل مستقبل مشرق لأبنائنا.
|