الوحدة ومواجهة المصير |
الوحدة كانت آية عظيمة في محكم التنــــــزيل حيث يقول الباري سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيـــــْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَ?لِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون). وهي في كل كلمة منها تنطبق على واقعنا اليوم, فهي حاجة وهي أمانة كما إنها مسؤولية وهي صيحة في ضمير الغيارى، وعندما تحققت الوحدة الوطنية كان (مكواري أحسن من الطوب), نعم المكوار الذي لا يمتلك مقومات القوة والنصر يهزم تقنية (الطوب) وينتصر عليه رغم أسباب القوة والمنعة التي يتحصن بها!!؛ وحين غابت الوحدة حضرت كل مبررات الهزيمة، ويمكن أن نستذكر فعل حضورها أيضاً في صمود الشعب بوجه الحرب والحصار, وحين ندعو للوحدة فإننا نشخص الحاجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى، ونرفع لها النداء ونريد أن يبلغ مدى دعوتنا آخر الدنيا. نريد أن يعلم القاصي والداني إننا شعب حي وله حضارة، وأن من سرق في صفحة الحواسم هم الغرباء وأذناب المحتل وبقاياه, وأن من قتل وقام بالتهجير على الهوية هو الفايروس البغيض الذي جاء به الاحتلال لتطبيق سياسة فرق تسد، فـإلى مَ الاصطبار على الضيم والمنقصة؟ وإلى مَ الإقرار والإذعان على الذّل؟. لابد أن يرى العالم الوجه الحقيقي للإنسان العراقي صاحب الحضارة والتاريخ وصاحب النخوة والغيرة, الذي شهدت له سوح الوغى حين انتخى به اشقاؤه,، بل كان سباقا حين قدم شبابه الحياة رخيصة دفاعا عن المبادئ. كيف نستعيد ذلك الماضي العريق؟ هل نبقى لعبة بيد الأجندات الخارجية وبيد الجماعات الإرهابية؟ وهل تبقى أبوابنا مشرعة لمن هب ودب (خان جغان)؟ علينا أن نعي بأن العالم اليوم لا يحترم الضعيف الذليل, وتداعيات القضم والضم للأراضي العراقية خير شاهد. العالم يحترم البلد الغني بوحدته والقوي والمتماسك والآمن، وبغير ذلك ستدوسه أقدام الطامعين حتى لو كان على أرض الرسالة وحاضنة آل بيت النبوة. ولا يمكن للبلد أن يكون قوياً وقلوب أبنائه شتى, نريدها وقفة تذكر العالم بصمود البصرة وهي تتصدى للقوات الغازية, أو تذّكرهم بتضحيات الأبطال في معركة المطار, أو في نفرة الفلوجة وهي تلقن الأمريكان درساً تنتصر فيه للبصرة ولبغداد. فالغزو واحد والاحتلال مرفوض بغض النظر عن تباين الرأي واختلاف الشعب على سلوك الحاكم, بالوحدة الوطنية اندفعت الأرواح تجود بالغالي والنفيس لتخرج الاحتلال، فخرج وهو يجر ذيول الخيبة والخسران, ولكنه عرف كيف يعود إلينا بعد أن زرع في صفوفنا بذور الخلاف والشقاق فخلق من (النواصب) رماح لمواجهة (الروافض) وخلق من (الروافض) سيوفا لتقطيع (النواصب). أي مهزلة نتفرج عليها جميعا وندعي بأننا شعب الذرى والحضارات, وإننا ثوار وأبناء عشائر وفحول؟ الصيحة فيكم (مالي أرى حوضكم تعفو نصائبه) ويردح فيه الجرذان وأبو الحصين وابن آوى, حقول النفط نهبها جيراننا باسم الله، واللهُ قد أوصى بحفظِ الجارِ، وثغرنا على البحر يعيث به أقزام وأجلاف، ونحن نختلف على تفسير ما حصل في السقيفة قبل ألف وأربعمئة عام, علينا أن نصحو من نوبة الجنون والهلوسة التي عاثت بوحدتنا أكثر مما يجب. علينا أن نعود إلى قول الله تعالى ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) والتي جاءت لتوعظ اليهود وتزجرهم حتى لا يتكلموا على فضل الآباء فكل واحد يؤخذ بعمله، عودوا إلى الله وتعالوا نسالم بعضنا ولسان حالنا جميعاً؛ (ميلوا إلى السلمِ إنّ السلم واسعة، وَاستَوْضِحوا الحقّ، إنّ الحقّ عُرْيانُ). كلنا نعرف أن الحق في أن نقبل بعضنا، وأن ونحصن حدودنا وجبهتنا الداخلية، وأن ننتخي لنصرة النازحين وضحايا داعش ونفتح لهم القلوب قبل البيوت، وان نرحم أطفالهم المشردين ونسد رمقهم وأن يساعد القوي فينا الضعيف, علينا العمل من أجل انقاذ ما يمكن انقاذه، وإلا سيحل بنا ما هو أسوأ من داعش وما هو أسوأ من ماعش, وربما سننتظر من ترامب أيضا ما هو أسوأ من أسلافه. النداء والصيحة لمن نتوسم فيهم خيرا فـ (سورُ القرآن الغرُّ فيكمْ أنزلتْ، ولكمْ تصاغُ محاسنُ الأشعارِ) فإما أن نكون أهلا لما قاله رب العزة (كنتم خير أمة) أو لما قالته فينا أشعار العرب بأنا نورد الرايات بيضا، ونصدرهن حمرا قد روينا.. ونشرب ان وردنا الماء صفوا، ويشرب غيرنا كدرا وطينا نعم إما أن نكون لها أو لن تقوم لنا قائمة، وليس أمامنا إلا أن نستعيد مجدنا ولسان حالنا: اللَّهَ اللَّهَ أنْ يَبتَزّ أمرَكُمُ رَاع رَعِيّتُهُ المَعْزِيُّ وَالضّانُ ثُورُوا لها، وَلْتَهُنْ فِيها نُفُوسُكمُ إنّ المناقب للأرواح أثمان فَمِنْ إبَاءِ الأذَى حَلَّتْ جَماجمَها على مناصلها عبس وذبيان وعن سيوف إباء الضيم حين سطوا مضى بغصته الجعديّ مروان فإن تنالوا فقد طالت رماحكم وإن تُنالوا فللأقران أقران. |