موتى هيروشيما

 

كيف يمكن لرجل أن ينام مطمئناً على وسادة في سريره ويغمض عينيه على احلام وردية وهو قاتل قام باعدام مئة واربعين الف انسان في لحظة واحدة. نعم ، هذا  القاتل هو الطيار الامريكي بول تيبيس الذي القى القنبلة الذرية على هيروشيما اليابانية فأفنت في اقل من دقيقة واحدة هذا الرقم المهول من البشر الآمنين في منازلهم او الجالسين في حدائق العشب او الاطفال المنهمكين بدروسهم على مقاعد الدرس في مدارسهم. لقد رأينا وقرأنا عن كثير من الامريكيين الذين رفضوا الانضمام الى الجيش الامريكي ابان حرب فيتنام،ولكن هذا الامريكي اغمض عينيه.

 

وهو يصنع ربما العلكة في فمه الاجوف وجلس خلف مقود طائرته التي حملت تلك القنبلة العدوانية الرهيبة ليسقطها فوق مدينة آهلة بالسكان ويموت جراء ذلك هذا العدد الهائل من البشر.

 

ولست ادري اذا كان رذاذ القنبلة الهيدروجينية قد طاله واسقط طائرته ام انه عاد سالماً الى موقع اقلاع الطائرة.

 

لأن الذي اريد ان اشير اليه هو هذه القدرة البشرية على قتل الناس فالأمر ليس عدواً واحداً يقاتلك وهي حرب وتلك من سنن الحروب ولكن ان تقتل مئة واربعين الف انسان في رصاصة واحدة وبضغطة على زر لعين فأن الامر غير قابل للتصديق فاي قدرة هذه واي قلب هذا !

 

هذه هي امريكا راعية الديمقراطية وحقوق الانسان والشفافية والأم الرؤوم والرحوم والمدافعة عن الطفولة والساعية الى نبذ العنف وعشرات من مثل هذه الشعارات العوجاء والعرجاء تدفع بأحد مواطنيها الى يمطي حصانه الحديدي المحمل بالموت لكي..

 

يجهز على سكان مدينة كاملة مازالت تعاني من اثارها حتى يومنا هذا رغم انقضاء عقود وعقود من الزمن السائل والصلب!.

 

أية اصابع تلك التي ضغطت على زر اسقاط القنبلة.اي قلب هذا الذي لم يرتجف.اي عقل هذا الذي كان يغمض عينيه عن مفاجآت ما سيحصل اي قدرة بشرية تلك التي كان يمتلكها هذا الطيار الذي درس سنيناً وشهوراً.لكي يتعلم قيادة الطائرة وكم ساعة من التدريب قد سجل قبل ان تصعد قدماه الكليلتان سلم الطائرة.

 

ترى ماذا يقول لنفسه وهو يحمل اثم هذا الرقم المهول من الموتى المسالمين الآمنين الذي كانوا ينتظرون بزوغ فجر جديد،

 

 في وقت كان هذا الفتى الارعن يرسم لهم خريطة الموت الزؤام.