أنقذتُ جنديا هارباً |
حينما كنتُ أشاهد في بعض ألأحيان أفلاماُ هندية كنتُ أضحك في النهاية لأن ألأحداث تكون عجيبة غريبة من مصادفات معروفة للجميع والمخرج أو الكاتب يلعب بالحدث كما يحلو له من أجل جعل القصة مثيرة تدر دموع الناس أو تجعلهم يضحكون حتى الموت إن صح التعبير.عام 1967 كنتُ في الخامس ألابتدائي أطالعُ مادة التاريخ وأحاول أن أحفظها عن ظهر قلب . البستان القريب جداً من البيت هو المكان الوحيد الذي أذهب إليه كي أتمكن من القراءة بصوتٍ مرتفع ولا أحد يضايقني ويطلب مني أن أخفض صوتي كما يحدث هذا في البيت الريفي القريب من نهر الفرات في القرية البعيدة. كان هناك طريقاً نيسمياً ضيقا تحيط به ألأشجار الكثيفة ولا تنفذ منه حتى أشعة الشمس. هو الطريق الوحيد الذي نستطيع منه الحركة من والى المدينة الصغيرة القريبة من معسكر اللواء السادس. وبينما أنا في خضم الصراع مع المادة التاريخية المكلف بحفظها من أجل إجتياز ألامتحان بتفوق شاهدتُ من بعيد جندياً يركض نحوي وهو يحمل حذائه العسكري بيده ويسابق الريح. وقف الى جانبي يلهث من التعب وطلب مني أن أخفيه في أي مكان سري قريباً مني لأن رجال ألانضباط العسكري يطاردونه وسيصلون بعد لحظات. في البداية خفتُ منه كثيراً بَيْدَ أن إرتعاش جسده وإصفرار وجهه جعلني أتصرف بطريقة عفوية لا أعرف كيف كانت. بلا وعي طلبتُ منه أن يتبعني حيث أشرتُ إليه أن يخفي جسدهُ في حفرة كبيرة قريبة من شجرة عملاقة. توسل إلي أن لا أُخبر أي أحد لحين حلول الظلام وسيخرج ويذهب. ومن الجدير بالذكر أنه طلب مني أن أكون طبيعياً فيما لو جاء رجال ألانضباط من هذا الطريق . مضت أكثر من 10 دقائق دون أن يظهر أي شيء , وبينما أنا أستدير كعادتي حينما أصل الى نهاية المسافة المقررة للمطالعة شاهدتُ ثلاثة من رجال ألانضباط العسكري ذوي القبعات الحمراء وهم يتجهون نحوي. صرخ أحدهم " ..هل شاهدت جندياً يمر من هنا؟" وبسرعة البرق صرخت " ..ذهب من ذلك الطريق وهو يحمل حذائه العسكري بيده " . ركضوا جميعاً بألأتجاه المعاكس تماماً. شعرتُ براحةٍ كبيرة وكأنني ساهمتُ بإنقاذ شخص ما على هذه ألأرض. قبل الغروب بساعة ذهبتُ إليه قبل أن أعود إلى بيتنا القريب من المكان. أخبرتهُ فيما إذا كان باستطاعتي أن أقدم له أي شيء. أخبرني بأنه جائع جداً. قلتُ له بأنني لاأستطيع أن أقدم له أي طعام عدا الخبز والتمر أو معها عنب وتين. ركضتُ نحو البيت وسرقتُ رغيف خبز دون أن أخبر والدتي ووضعته في ملابسي الداخلية وتوجهت نحو النخلة وقطفت قليلا من التمر. حينما سلمت الطعام شكرني جداً وطلب مني عدم الحديث مع أي شخص عنه. في تلك الليلة حلمتُ به وظل سؤال في ذهني لماذا يهرب من الجيش؟ |