عقدت بعض القوى السياسية المحسوبة على المكون السني والقومي العربي او التي تدعي انها تمثله اجتماعاً في سويسرا بمشاركة شخصيات من الولايات المتحدة وآخرين لتقديم مشروع تسوية ما بعد داعش الارهابي .. اثار المؤتمر قبل ان يبدأ اعماله حفيظة قوى عديدة وبالتالي مسبقاً رفضت ما نجم عنه، حتى لو كان يتطابق مع رؤيتها للتسوية التي على ما يبدو انها في غرفة الانعاش فيما يراها البعض انها ماتت لأنها بنيت على اساس التقسيمات والولاءات الفرعية والفطرية التي هي اصل الداء والبلاء. المهم يُشكل البعض على هذه القوى عقدها للمؤتمر خارج العراق، ومن المعروف ان بعضاً من المشاركين فيه هم من المشاركين في العملية السياسية وبامكانهم عقده في العراق، ولكن يتغافل المتشككون بان فريقاً من هؤلاء لا يمكن او غير مسموح له بالدخول الى بغداد او الى المحافظات التي ينتمي اليها، وهو مهدد بالاعتقال وبقضايا يشكك في صدقيتها، أي انها مدبرة ومفبركة حسب رأي الكثيرين.. والاكثر من ذلك ان هذا الفريق لا نعرف هل هو مشمول بالتسوية او لا، المواقف منه متناقضة، والبعض لو امسك به، ربما اعدمه خلال ساعات. البيوتات المذهبية والعرقية غير موحدة في مواقفها لغاية الان، كل منها له مشروعه الخاص، والذي لا يتزحزح عنه قيد انملة، وهو يخون هذا الطرف او ذاك، ويدعو الى استبعاده ومنعه ومحاسبته.. ولا يقول لنا مع من تجري التسوية شبه الميتة والتي ازيحت لصالح مشروع آخر سمي بالاغلبية المكوناتية او السياسية في اطار التنافس داخل البيت الشيعي .. وهذا المشروع طرح من فترة ولكن لم يحظ بأي تأييد من الاطراف الأخرى، الان يعود الى الواجهة مع قرب الانتخابات ومحاولة الابقاء على الخارطة السياسية الفاعلة على ما هي عليه، وبالتالي التحصن خلف ذات المتاريس التي في حال عدم عبورها، فان البلاد تسير نحو المجهول المظلم. الغريب ان البعض يحلل لنفسه ما يحرمه على الآخرين، فالقضية العراقية "مدولة" منذ الاطاحة بالنظام الدكتاتوري لغاية الان، وكل بيت من البيوت الحاكمة (الشيعة، السنة) يبحث عن حلفاء له خارج الحدود، لدى المجتمع الدولي الجولة التي قام بها التحالف الوطني الى دول الجوار والمنطقة ولدى الاشقاء العرب لتسويق مشروع التسوية مسموح بها، وهي تصب في خدمة العملية السياسية، ولكن قيام الاطراف الاخرى بمثلها او ما يشابهها حرام وتدخل في الحيز الممنوع والمفتت للوحدة الوطنية. صراحة ان كلا الطرفين يقعان في وهم حين ينشدان الحل والمساندة من خارج الحدود ومن غير العراقيين، ويمكن للاصدقاء ان يحثون على التفاهم وابداء المرونة، ولكن الحل يستند الى العوامل الداخلية بالاساس، وهذه القوى الصديقة ان كانت حقاً كذلك تسهم في تهيئة الارضية والدفع نحو ترصين وتمتين الحلول بخبرتها ورفدها للعملية السياسية بما يطورها، من افكار واراء ومساعدات مختلفة تقرب وجهات النظر وتضمن التوافق . الواقع ان الحل يكمن من البدء به داخلياً بتشريع قوانين تطمئن مصالح اغلبية شعبنا الساحقة وتنظم حقوق فئة معينة، وبالتالي يصبح عقد الاجتماعات في الخارج او في أي مكان بالعراق، لانه عندما عقدت الاجتماعات في اربيل جرت مهاجمتها ومهاجمة المشاركين فيها ، تفصيل لا يقدم ولا يؤخر الا بحجم التوافق الذي ينتج عنه. الاهم من كل ذلك ان ننطلق بالحلول مما هو صائب ونبذ ما شخص بأنه السبب وراء تلكؤ العملية السياسية وتوقف تقدمها، ننطلق من المشاريع الوطنية لبناء دولة مدنية لكل المواطنين وعلى اساس العدل والمساواة. وهذا اول ما يتطلب ليس الجمع الميكانيكي للمكونات الذي ينفرط لاقل حركة، وانما بناء حياة سياسية تقوم على المواطنة وتتسع كل منها لابناء شعبنا على اختلاف ميولهم وانتماءاتهم الفطرية والدينية. يخطئ من يظن ان الدولة المدنية السليمة ممكن ان تقوم مع احزاب طائفية واخرى تقدم العرق على الوطن، تبنى مؤسساتها على المحاصصة القاتلة. اخيراً سمعت رأياً من احدى الكتل الحاكمة والمؤثرة ان المؤتمرً لم يتضمن شيئاً اساسياً لم تتضمنه التسوية التاريخية او السياسية والتي الان تسمى الاغلبية، وهذا جيد فلماذا السلبية منه ، ولا بد من عكسه على الواقع وتخفيف الغلواء في انتقاد من دون اساس سوى التسقيط الذي لا يصب في مصلحة احد، وايضاً علينا الخروج من دائرة الطروحات والمفاهيم التي تضعنا في متاهات العملية السياسية ليست بحاجة اليها. مرة اخرى لنبحث عن الايجابي في نتائج مؤتمر سويسرا وتطبيق ما يمكن تطبيقه من دون منة او انتظار لمقابل من الطرف الآخر اذا كان يعزز العملية السياسية ويخدم الوحدة الوطنية ويستجيب للحقوق المشروعة.
|