قلت خطايا ولم أقل أخطاء ،لأن الخطأ يختلف عن الخطيئة ،وربما يرتكب جاهل الخطأ ،وعندما نفاتحه بخطئه ،يتراجع عنه إن قال عاقلا ومن ثم يعتذر دلالة على حسن أخلاقه،أما الخطيئة فلا يرتكبها إلا مجرم ،متعنت عنصري متطرف ومتغول في معتقده . وتندرج زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية اليمينية المتطرفة الشعبوية مارين لوبان ضمن مظلة المجرمين الذين لا يرتكبون اخطاء بل خطايا، وأولى خطايا لوبين في لبنان نيتها المبية لإستخطام لبنان المنارة دعاية إنتخابية لها ولفكرها المتطرف ،وتقول للرأي العام الفرنسي أن زيارتها للبنان أثمرت عن لقاءات متعددة من كل من رئيس الجمهورية الجنرال عماد عون ،ورئيس الوزراء سعد الحريري ،ووزير الخارجية جبران باسل ،وآخرين بطبيعة الحال. وثاني خطيئة إرتكبتها لوبان هي تصريحاتها المؤيدة لبقاء بشار"..."رئيسا لسوريا التي أطلقتها من مكتب رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الذي يناصب العداء للرئيس السوري الودع بشار . أما ثالث خطيئة فهي رفض وضع شال على رأسها لتغطية شعرها بناء على طلب من مكتب مفتي لبنان سماحة الشيخ عبد اللطيف دربان ،إذ قالت للموظف الذي حمل لها المنديل أن شيخ الأزهر السني لم يطلب منها إرتداء الحجاب إبان لقائها معه في شهر مايو/أيار 2015. وكانت الخطيئة الرابعة تهويلها رهابيا لوضع المسيحيين في المنطقة ،وأطلقت عليهم لقبا عجيبا غريبا لا يليق بهم وهو"مسيحيو الشرق" الذين يعيشون تحت تهديد التطرف الإسلامي ،وبالتالي تتوجب حمايتهم. هذه الخطيئة تحديدا يجب التوقف عندها مليا،فهي خطيئة مركبة ،لأنها إختارت لقبا لا ينطبق عليهم ،وأثبتت جهلها بالمنطق ،فهم ليسوا مسيحيي الشرق العابرين ، بل هم الأصل والفصل وملح الأرض وسكرها ،وهم جزء منا ونحن كذلك ونحن نغضب لكرامة السيد المسيح وامه الطاهرة البتول مريم إبنة عمران عليهما السلام ،بعكسها هي شخصيا التي تؤيد افحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتقف مع أعداء السيد المسيح، ولقبهم الحقيقي الذي يليق بهم هو انهم عرب مسيحيون ،بمعنى أنهم عرب أولا ومسيحيون ثانيا وهذا لا يعيبهم . أما الجانب الثاني وهو حديث لوبان عن حمايتهم من التطرف الإسلامي ،فإن ذلك يدل على جهلها بالتاريخ أيضا ،ولا ادري ما الذي تبقى لمن أثبت جهله بالتاريخ والمنطق ،وهي اليمينية صاحبة النهج المتطرف وقد رشحت نفسها عن اليمين الفرنسي لرئاسة فرنسا صاحبة النور الحضاري وحقوق الإنسان . أقول أن لوبان جاهلة بالتاريخ لأن أحدا من الفرنسيين سبقها وجاء إلى سوريا غازيا وهو الجنرال غورو الذي تزلف لمسيحييها بأنه جاء بجيشه ليحميهم من المسلمين ،فما كان من العروبي القح صاحب العقل الراجح القومي السوري الذي يسير على خطى المعلم انطون سعادة المسيحي النبيل فارس بيك الخوري ،الذي أوصلته عروبته إلى رئاسة الوزراء في سوريا قال له متهكما:" أفضل العيش تحت ظلم المسلمين على العيش في ظل عدالتكم"!!!!وهذا يعني أن لوبان لم تقرأ تاريخ بلدها على الأقل لتعرف تاريخ الآخرين . وأؤكد أنها قامت بزيارة لبنان لكسب تعاطف 23 ألف ناخب فرنسي في لبنان ،ولتقول لشعبها الرافض لها أنها في الوقت الذي تشعر بانها منبوذة في بلدها ولا يقبل المسؤولون الفرنسيين اللقاء بها ،وجدت في لبنا طاقما حكوميا كبيرا يستقبلها ويلتقيها وفي المقدمة رئيس الدولة الجنرال عماد عون ورئيس وزرائه سعد الحريري ووزير خارجيته جبران باسيل ومرجعيات دينية اخرى. وللإنصاف فإن زيارة لوبان للبنان وتصريحاتها المستفزة لم ترق للبنانيين ،الذي وجهوا لها إنتقادات هائلة ووصفوها بالإنتهازية، ورفضوا كل ماتفوهت به ،وهذا هو الموقف الذي يفرح ،ويا ليت ان فخامة الجنرال عون رفض إستقبالها وأبلغت عند تقديم طلب الزيارة انها شخص غير مرغوب فيه في لبنان.
|