الوالي المطيرچي


قديما‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يؤخذ‭ ‬بشهادة‭ ‬المطيرچي‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب‭ ‬منها‭ :- ‬اولا‭ – ‬ﻷنه‭ ‬يحلف‭ ‬كثيرا‭ ‬وﻷتفه‭ ‬الاسباب‭ ‬فيقول‭ ‬مثلا‭ ( ‬والله‭ ‬العظيم‭ ‬هذا‭ ‬الطير‭ ‬مالتي‭ ) ( ‬ومقدساتي‭ ‬هذا‭ ‬الطير‭ ‬مو‭ ‬مالتك‭ ) . ‬ثانيا‭ – ‬أن‭ ‬عيناه‭ ‬شاخصة‭ ‬الى‭ ‬السماء‭ ‬تراقب‭ ‬الطيور‭ ‬فلا‭ ‬يشاهد‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬الارض‭ . ‬ثالثا‭ – ‬فكره‭ ‬مشغول‭ ‬بالطيور‭ ‬فلا‭ ‬يهتم‭ ‬بعداها‭ ‬من‭ ‬حوادث‭ . ‬لذلك‭ ‬لم‭ ‬يعتد‭ ‬بشهادته‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬ومجالس‭ ‬القضاء‭ ‬وجلسات‭ ‬الفصل‭ ‬العشائري‭ . ‬فما‭ ‬بالكم‭ ‬لو‭ ‬صار‭ ‬المطيرچي‭ ‬واليا‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬مقاطعة‭ ‬قهرآباد‭ ‬في‭ ‬اقليم‭ ‬زورستان‭ . ‬فقد‭ ‬تبوأ‭ ‬أحد‭ ( ‬المطيرچية‭ ) ‬منصب‭ ‬الوالي‭ ‬في‭ ‬قهر‭ ‬آباد‭ ‬واول‭ ‬شيئا‭ ‬فكر‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬انصاف‭ ‬هذه‭ ‬الشريحة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬فأصدر‭ ‬قرارا‭ ‬عكسيا‭ ( ‬لا‭ ‬يؤخذ‭ ‬بشهادة‭ ‬احد‭ ‬عدا‭ ‬المطيرچي‭ ) . ‬ابتهج‭ ‬المطيرچيون‭ ‬لهذا‭ ‬القرار‭ ‬الحكيم‭ ‬وانتعشت‭ ‬آمالهم‭ ‬و‭ ‬سطع‭ ‬نجمهم‭ ‬وعلت‭ ‬مكانتهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ . ‬فتحولت‭ ‬المدينة‭ ‬بأكملها‭ ‬بين‭ ‬ليلة‭ ‬وضحاها‭ ‬الى‭ ( ‬مطيرچين‭ ) ‬فأمتلأت‭ ‬الشوارع‭ ‬والبيوت‭ ‬والدكاكين‭ ‬والمجالس‭ ‬بالطيور‭ ‬وصار‭ ‬همهم‭ ‬اﻷول‭ ‬وحديثهم‭ ‬الوحيد‭ ‬وعلى‭ ‬أثر‭ ‬ذلك‭ ‬باتت‭ ‬عيون‭ ‬تلك‭ ‬المدينه‭ ‬معلقة‭ ‬بالسماء‭ ‬حيث‭ ‬الطيور‭ ‬وصار‭ ‬قسم‭ ‬اليمين‭ ‬عندهم‭ ‬من‭ ‬أتفه‭ ‬اﻷمور‭ . ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬قرر‭ ‬السلطان‭ ‬اﻷعظم‭ ‬أن‭ ‬يتفقد‭ ‬أحوال‭ ‬رعيته‭ ‬متنكرا‭ ‬فدخل‭ ‬تلك‭ ‬المدينة‭ ‬فوجدها‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬هيأتها‭ ‬وسابق‭ ‬عهدها‭ ‬فحاول‭ ‬أن‭ ‬يستفهم‭ ‬اﻷمر‭ ‬ويستفسر‭ ‬سر‭ ‬تغيير‭ ‬احوال‭ ‬المدينة‭ . ‬فسئل‭ ‬أحدهم‭ ‬عما‭ ‬يحدث‭ ‬فأجابه‭ : ( ‬و‭ ‬الله‭ ‬العظيم‭ ‬ما‭ ‬أدري‭ ‬و‭ ‬مقدساتي‭ ‬ما‭ ‬اعرف‭ . ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أعرفه‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الطير‭ ‬هو‭ ‬طيري‭ ‬والله‭ ‬العظيم‭ ‬وأذا‭ ‬لم‭ ‬تصدقني‭ ‬فالعن‭ ‬ابوك‭ ‬لابو‭ ‬عشيرتك‭ ) . ‬هكذا‭ ‬كان‭ ‬حال‭ ‬كل‭ ‬ابناء‭ ‬تلك‭ ‬المدينة‭ ‬،‭ ‬فمضى‭ ‬الوالي‭ ‬يستفسر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬ومن‭ ‬ذاك‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭ ‬حتى‭ ‬تعب‭ ‬فجلس‭ ‬على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق‭ ‬الى‭ ‬جنب‭ ‬رجلا‭ ‬حكيما‭ ‬فسئله‭ :- ‬ما‭ ‬بال‭ ‬أهل‭ ‬المدينة‭ ‬عيونهم‭ ‬شاخصة‭ ‬الى‭ ‬السماء‭ ‬يقسمون‭ ‬اشد‭ ‬اﻷيمان‭ ‬بلا‭ ‬سبب‭ . ‬فأجابه‭ :- ‬هذا‭ ‬حال‭ ‬المدينة‭ ‬حين‭ ‬يحكمها‭ ‬المطيرچيون‭ . ‬و‭ ‬الذنب‭ ‬ليس‭ ‬ذنب‭ ‬الوالي‭ ‬لكنه‭ ‬ذنب‭ ‬السلطان‭ ‬الذي‭ ‬سلم‭ ‬مقاليد‭ ‬حكم‭ ‬المدينة‭ ‬بيد‭ ( ‬مطيرچي‭). ‬