أوضاع العراق.. تاريخ محيّر |
عندما عدت من سفري الى بغداد بعد غياب سنوات طويلة وانا احمل معي حقائبي وذكرياتي عنها قبل الرحيل وقد جحز لي في بادئ الامر في الفندق القريب لمدخل شارع الرشيد فندق ابن الهيثم حيث كانت عائدية الفندق الى جدي وكنت اعمل فيه قبل هجرتي ورحيلي عن بغداد وكانت غرفتي مطلة على نهر دجلة تعبت من رحلتي كانت الغرفة جاهزة للنوم اذ وصلت متعبا من طريق المطار وكثرة الازدحام وامنيتي بالوصول مسرعا كي اخذ قسطا من الراحة رقدت في نوم عميق وكاني في احضان امي وانفاسها بعد ان شممت رائحة النهر في جريانه بكيت وتذكرت امي عند رحيلها وكيف كانت تذهب بي الى جرف النهر وتغسلني فيه وكيف كنت اشرب المياه حيث تدخل في انفي واذني عند الغطس والسباحة فيه اه … اه ايام وسنين ودعت الكثير من احبائي وبقيت وحيدا في العقد السادس من عمري اتامل من شرفتي المطلة عل نهري الحزين ذكرياتي تطرق ابواب فكري خائفا منها لاني اهملتها لكني ما زلت اتذكرها وياخذني الشوق والحنين اليها سالت عن صديق لي امجد عبد الغفور فقيل لي انه أثناء غيابي حصل على شيء من الشهرة في كتابة الشعر وله منشورات عديدة ويسكن حاليا في دار منعزلة بعيدة عن المدينة غرب بغداد تقع في الارياف على ضفاف نهر الفرات واخذت العنوان في حينها وركبت سيارة اجرة وذهبت لزيارته وعندما وصلت الى الدار بالطريق الزراعي وقد بدى لي كل شيء مألوفا كانه ينتظر قدومي حدس كبير لديه دخلت الى البيت الذي كان محاطا بحديقة كبيرة وخلفها منحدر يطل على النهر حيث اوصلني شخص لا اعرفه الى غرفة الاستقبال وكانت غرفة كبيرة على جانيها مكتبة ضخمة وفي وسط الغرفة لوحة كبيرة عبارة عن ملحمة كلكامش كما هو لم يتغير مولعا بحب التاريخ وكان سروره عظيما حيث بكينا وتعانقنا بحب وشوق لذكريات الماضي والحنين اليها وكيف كانت افكارنا ضد شيء يدعو للعبودية كانا نريد ان نتحرر من افكار السلطة والحكم بعيدا عن افكار السياسة عندما ارتقي فوق مستوى الفكر لا اجد احد يفهمني وعندما الغي الفكر يفهمني الناس لكن اشعر بالضياع سالت صديقي امجد لماذا انت وحيد؟ قال لي انني في قمة سعادتي لايوجد شي يعكر صفو افكاري فانا متفرغ للمطالعة والكتابة حيث متعتي في الحياة بعد رحيل زوجتي وقد تركت لي ثلاثة اولاد وبنتا واحدة وقررت ان اعتني بهم وتحمل السؤولية في تربيتهم وكلهم رحلوا خارج العراق اكملوا دراستهم هناك والان مطمئن عليهم افضل من هنا انا اعيش مع ذكرياتي اتذكرك ياصديقي العزيز واتذكر سيد صفاء الكاظمي وعبد الكريم ناصرية تعرفهم كانوا ثلة الانس لانفترق ايام الجامعة ومغامرتنا مع الاقسام الداخلية وسيد صفاء كان يفتي لنا بما يطيب خاطرنا كان كل شيء جميل في حياتنا الى ان جاء الاحتلال ودمر كل شيء جميل بعد حطم اصناما كنت نعبدها وكاننا في زمن الجاهلية نحن لم نعبد احدا وسقطت اصنام كثيرة وجاءت الاجندات الاقليمية لتقسيم العراق وتعود بنا الى ايام الاحتلال البريطاني لكن امريكا كانت تختلف قي سياستها كانت تعمل وفق سياسة التغيير من يدفع لها اكثر تكون معه من يبيع لها الوطن تكون معه لذا كانوا رجال السياسة ورجال الدين يكذبون علينا حينما اعتلوا مناصب الحكم بدأت حروبهم بقتل شعبهم وتهديم دور العبادة وحرق الانسانية وقتل الابرياء ليكونوا هم الجلاد والسلطان والمنقذ كانت اياما عصيبة مرت بنا لاتنسى بعد عام 2006 توالت علينا كل المحن الى يومنا هذا ونحن نعاني المأساة لايمكن اصلاح ماافسده الدهر كل شيء تغير لقد ارهق تفكيري امجد في سرده للاحداث دون الدخول في التفاصيل حيث كانت عيناه فيها بريق دمع بقي بين جفنيه لم تسقط حاولت ان اغير الموضوع وقلت انا مشتاق للقائنا .
اعادة الماضي كنا نريد ان نعيد الماضي في دعوة اصدقائنا عبد الكريم وسيد صفاء وممن نتذكرهم دع عنك الحزن ياصديقي نريد ان نضحك نفرح بعيدا عن افكار السياسة لانريدها لذا قررنا ان يكون اللقاء قريبا في الفندق ومن عنده يكون موعد انطلاقنا رحب بالفكرة وودعت صديقي امجد وعدت الى بغداد بعد عناء السفر ورحلة طويلة رقدت بعدها في نوم عميق اسيتقظت في الصباح على رنين النقال انه امجد وانه سيصل قريبا الى الفندق ومعه مفاجأة لي وانقطع الاتصال كانت الساعة تشير الى الثامنة صباحا وكنت على الاستعداد وارتديت اجمل ماعندي من ملابسي بعد ان رايت نهري الحزين بنوارسه وصباح الخير يادجلة الخير وطال انتظاري لهم اشعر بالجوع سمعت اصواتهم عرفتهم من قهقهتم واصواتهم امجد . سيد صفاء . وعبد الكريم , الصوت نفسه لكن الزمن غير فيهم الكثير عبد الكريم يدخن علبة السجائر بيده سيد صفاء يملك مسبحة بيده يتمتم وامجد يحمل دائما مذكرة وقلما عانقتهم جميعا وصرخت فيهم وبكيت وقلت انا جائع هيا بنا نذهب نريد باقلاء قدوري مطعم مشهور في شارع ابي نؤاس وقريب للفندق الذي اقطن فيه ومشينا بجانب النهر نستنشق هواء العراق اه يا حبيبي ياعراق الله أمجد أخذ يشدو لنا بأجمل الكلمات واقتربنا من المكان.
ارق وطعام وكان مزدحما وكأنه العيد لدى الناس في الفطور الصباحي في اجمل وارق طعام يكون بصحبة من نحبهم والطعم يختلف والشهية مفنوحة نطلب الكثير ورائحه طرشي النجف تفتح الشهية اكثر سيد صفاء وكرشه لازال يربيه على خمس اجداده لازال متمسكا باحاديثه وبرائعته في اقناع الغير من خلال سحر كلامه وهدوءه باستخدامه الاحاديث والاقوال واعتماده على مصادره الخاصة عبد الكريم كثير الضحك والمقالب والتقليد يمتلك طيبة قلب اهل الجنوب وبساطتهم في الحياة لايتصنعون الافعال بل لهم وجه واحد وصورة واحدة امجد يدون لنا مايدور بنا من احاديث وذكريات جميلة جدا بحيث يعود بك الى شقاوتنا في ايام زمان كلها يحفظها ولاينساها فرحي وسروري ارى سنين عمري في عيون اصدقائي اجد محبتي تجعل كل شيء في الحياة يبتسم ويتذكر مؤرخنا امجد بعد الافطار الشهي نريد ان نذهب ونشرب الشاي في مقهى ام كلثوم كانت الساعة تشير الى الحادية عشرة وذهبنا إلى وجدنا ووجدنا المكان ينتظر قدومنا لم يتغير سكون المكان ينقلك مع الصوت الى الذكريات والحب والالم والحزن وبعد ان شربنا اجمل شاي بغدادي طلب صديقي من حجي صالح صاحب المقهى اغنية الاطلال واخذ عامل المقهى يبحث عن الشريط الذي عبارة عن بكرة كبيرة يضعها قي مسجل اكاي ويبدأ بتشغيله المقدمة الموسيقية يعم في ارجاء المكان يعم في ارجاء المكان الصمت والهدوء ونحن بين حديث واخر نتامل في واقع الحياة وذكرياتنا وملتقى الاصدقاء اجــمل شيء في الحياة. الى ان قالت ام كلثوم : يا حبيبي كل شيء بقضاء ما بأيدينا خلقنا تعساء ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم بعدما عز اللقاء فإذا أنكر خل خله وتلاقينا لقاء الغرباء ومضى كل إلي غايته لا تقل شئنا،وقل لي الحظ شاء ! |