نظرية ما وراء التسويق تقنية مثالية لإختيار المرشح الأنسب في الإنتخابات المقبلة |
أن التحدث عن السياسة امر شائع في الحياة العامة ويوحي منشأ كلمة سياسة بأنها الشأن التي تعني جميع الناس، واصل السياسة في لسان العرب من الرياسة واذا قيل ساس الامر سياسة اي قام بهِ، وهي ايضاً القيام بالأمر بما يصلحه والامر بمعنى حكم ودولة.. وتطور المعنى الاصلاحي لكلمة سياسة من السياسة الالهية الى السياسة النبوية والشرعية والمدنية والسياسة العامة والخاصة ،اما في الانكليزية فتأتي كلمة سياسة من الكلمة اليونانية Polities وهي مشتقة من كلمة Police وكلمة Politick وتعني الامور السياسية وما يتعلق بالدستور او النظام السياسي ،كما ان ادبيات العلوم السياسية مليئة بتعاريف هذا المصطلح وكل من اسهم في اعطاء تعريف كان ادق من غيره، ان السياسة هنا موجهه الى اهداف الحكومة مما جعلها سلوكاً موجهاً ويرى الكاتب الهندي اياد وراي (سكرتير مجمع الشؤون الدولية بنيودلهي) ان السياسة ” هي دراسة تنظيم الجماعة” وان الجماعة يجب ان تفهم معناها الواسع الذي يشمل الاسرة والقبيلة وهو يرى ان الجماعة مهما ضاقت او اتسعت لابد لها من سلطة لكي تنتظم فالسياسة اذن هي ممارسة السلطة” وينوه Maurice Duverger بصورة خاصة في تطور الاصطلاح بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين بين حكم الدولة وحكم المجتمع فيقول “عرف معجم Litter السياسة عام 1870 بقوله “السياسة هي حكم الدولة” وعرفها معجم Robert عام 1962 “السياسة فن حكم المجتمعات الانسانية” . ماوراء التسويق Meta marketing : ان التقريب بين التعريفين السابقين للسياسة اللذين يفصل بينهما قرن من الزمان امر مهم، حيث ان كليهما يجعلان من الحكم موضوع السياسة وتعني كلمة الحكم السلطة المنظمة للدولة او القيادة، ونلاحظ ان السياسيين عندما يتكلمون عن السياسة فهم لا يشيرون الى الانشطة التسويقية وان كان بشكل محدد لا يتعدى بعض الوسائل والطرق وبعض التقنيات المتعلقة بالدعاية السياسية وبعض التقنيات المتعلقة بأنشطة التعزيز السياسي ولكن دون التعمق الكبير فيها وبالتالي عدم التوجه الى دراسته واعطاء مفهوم محدد لهُ وفقاً للبعد التفكري السياسي له، وهو ما يعرف بمصطلح ما وراء التسويق فهو عبارة عن افاق أبعد وأوسع للتسويق (منظمات واشخاص ومواقع وقضايا وافكار فضلاً عن سلع وخدمات وأعمال) اذاً لا تكون عملية التسويق هي الحصول على الاموال وانما الحديث عن الولاء وارضاء المستهلكين وتقديم المساعدة لهم ، ومن هنا برز مصطلح التسويق السياسي فقد عرف المعهد القانوني للتسويق والذي يعتبر اكبر جهاز اداري احترافي للتسويق في اوربا التسويق السياسي انه “تلك الفعاليات المؤدات من قبل الاشخاص او المنظمات سواء المنتفعة او غير المنتفعة ليتم اقناع طرفين” ويعد هذا التعريف عام وشامل ولا يحدد الطرف المستفيد الاكثر وهو المرشح السياسي. لنتعرف على مصطلح التسويق السياسي : اما تعريف الاستشاريون الامريكيون للتسويق السياسي فهو “التخطيط الاستراتيجي للحملات” او انه “تقنيه وتواصل الالتماسات appeals)) لمجموعة مستهدفة استراتيجية”. كما عرف ايضا “بانـه العمليات المخـتلفة والتي يتـم من خلالها تحويـل النظرة الى الناخب” ، ان التنافس الشديد الذي يحيط بجو الانتخابات والحاجة الى الفوز المطلق في صندوق الاقتراع (الاستفتاء) ادى الى تركيز التعريف على كل اجراء يؤدي بالمرشح الى الفوز. ويمكن ان نستنتج ان التسويق السياسي يشتمل على العمليات والفعاليات التي يجب ان تدار بشكل علمي ومنتظم باستخدام عناصر المزيج التسويقي السياسي لغرض او هدف مقصود ومحدد ينبغي على الحزب او المنظمة السياسة او المرشح الوصول اليه وتحقيقه ، ان التسويق السياسي وفق هذا التعريف اكد على جانب التمويل السياسي للمرشح وكيفية جذب اراء الرأي العام للحصول على التمويل اللازم للمرشح السياسي، في الوقت الذي يلعب فيه التسويق دوراً بارزاً في التنمية الاقتصادية وتلبية حاجات ورغبات المستهلكين وتحقيق اهداف المنظمة في زيادة الحصة السوقية والربحية عن طريق زيادة المبيعات فان نشاط التسويق السياسي لا يقل اهمية عن ذلك. لماذا يجب على المرشح ان يهتم بالتسويق السياسي ؟
وهم التسويق السياسي : ان التسويق السياسي ردئ السمعة يتلاعب بالصور كثيراً كما هو الحال في الدعاية التجارية وقد يخلق وهماً لدى الناخبين حول الناتج السياسي مما يؤدي الى رغبة واعجاب الجمهور، كما ان التسويق السياسي يبحث في محفزات الفرد مما يولد اقناعاً اجبارياً لدى جمهور الناخبين، وقد يولد سيادة صارمة على الاعلام نتيجة علاقة بعض السياسيين كما فعل رونالد ريكن في انتخاباته كونه رجل تلفزيون كما ان احتكاك دونالد ترامب بالمصارعة الحرة وظهوره المتكرر داخل عروض wwe) ) لسنوات عديدة قد ساهم بشكل فعال في فوزه بالانتخابات الأخيرة لعام 2017 . كيف نبني أنموذجا للمرشح السياسي : ان المرشح المكيف سوقياً ليس مهتماً بتغيير افكار او عقول الاشخاص ولكن بمتابعتها والتركيز على حاجات الناخبين، وهناك اربع نشاطات رئيسة يحاول المرشح من خلالها استعمال التسويق السياسي وهي:
يعرف مصطلح الاستخبارات Intelligence بانه “الجمع السري وتوزيع المعلومات وبخاصة المعلومات السرية الغامضة لغرض تهيئتها لاتخاذ القرار من اجل زيادة قدرة المنظمة”. وعن طريق هذه الاستخبارات يستطيع الحزب السياسي اكتشاف الحاجات ومتطلبات الناخبين والذين يبحثون عن دعمهم عن طريق خبراء تسويق مثل وكالات جمع الاصوات، ومستشارين في البريد المباشر، وخبراء محليين، ليعرف نتائج جمع الاصوات.
يصمم المرشح سلوكه او (المنتج السياسي) استناداً الى النتائج التي حصل عليها عن طريق استخبارات السوق وان تصميم الناتج الجديد يأخذ عدة اعتبارات منها ان يصمم مرشح قادر على ايصال نتائج وعوده ويقدر ما هو رد فعل الناخبين لتغيير المقترح وقد يغير تصميم الناتج اذا تطلب الامر ذلك ليضمن قبوله بعد دراسة اسباب القوة والضعف فيه.
لكي يضمن المرشح تصميم انتاجه الجديد ليكون مؤثراً وجذاباً فهو يحتاج تنظيماً مقنعاً لان التغيير قد يلاقي غضب الرأي العام ويثير معارضي حزب المرشح وحتى يكون المرشح حذراً للمشاكل المنتظرة وجاهزاً لحلها.
في هذه المرحلة يكون المرشح منشغلاً في التواصل مع سلوكه الجديد او يصمم نتاجاً جديداً بطريقة ايجابية يرضي الناخبين، وكما اشار Kotler “ان كل شيء في ما يخص المرشح ادواته وأساليبه وافعاله ممكن ان يكون مؤثراً فقد يجذب او يبعد الناخبين اذا ما اتبع المرشح هذه النشاطات الاربعة عندها سيكون مكيفاً سلوكياً وسوف يصل الى الناخبين ويواجه المنافسين بشدة وتؤهلهُ لكي يفوز بالسلطة. |