العراق تايمز: كتب النائب فائق الشيخ علي
من صحيفة " الحياة " اللندنية ، عدد 12080 الصادر في الجمعة 22 آذار ( مارس) 19966 م
ما ان شنت طائرات التحالف الدولي غاراتها الجوية على العراق فجر الخميس السابع عشر من كانون الثاني ( يناير ) 1991 م ، حتى أصبح العراقيون في حال انتظار لما ستتمخض عنه تلك الحرب الجديدة . لم يكن العراقيون متأكدين أيا من الطرفين المتحاربين سينتصر في المعركة . فمع أن الحلفاء يمتلكون جيوشا جرارة وأسلحة مدمرة وأجهزة ألكترونية متطورة .. إلى أقمار صناعية زرعت في سماء العراق ، فإن صدام حسين كان هو الآخر يمتلك أسلحة دمار شامل ، وكان هدد باستخدام " الكيماوي المزدوج " في حال تعرض العراق لضربة عسكرية إسرائيلية ، وزعم بأن لديه القدرة على إحراق نصف إسرائيل . كما هدد الحلفاء وادعى بأن النصر سيكون حليفه ، وأن جثث قتلاهم ستتقاطر على دولهم ملفوفة في نعوش حزينة . لم يكتف صدام بهذه التهديدات ، وإنما زاد العراقيين حيرة يوم حذرهم في الثالث عشر من كانون الثاني ( يناير ) 1991 م من أن يصدقوا لو استمعوا إلى صوته يدعوهم إلى الإنسحاب من الكويت . لهذا لم يكن هناك ما يدعو إلى القطع بأن النصر سيكون حليف هذا الطرف أو ذاك . وعلى هذا الأساس لم يتحرك العراقيون ضد السلطة طوال فترة الحرب الجوية التي شنها الحلفاء على العراق - باستثناء تحركات محدودة تمت هنا وهناك - لكن ما إن أصدر الجنرال الأميركي نورمان شوارتزكوف أوامره بشن الحرب البرية على القوات العراقية ، وبدأ العد العكسي لحرب " المئة ساعة " حتى اضطرب العراقيون اضطرابا لم يشهد تاريخهم له مثيلا ، وساد الهياج والتململ صفوفهم وهم يستمعون إلى الإذاعات تتلو أخبار أبشع هزيمة تلحق بجيش على مر التاريخ . عشرات الألوف من الضباط والجنود يستسلمون لجيوش التحالف الدولي ، ومثلهم يوأدون في مقابر جماعية ، وآخرون يفرون من الكويت باتجاه " طريق الموت " وأسلحة تدمر ، قوات تبعثر ، آليات تعطل ، فيما جيوش الحلفاء تدخل أرض الكويت ، وأخرى تطوق القوات العراقية داخل العراق . وهنا بدأ العراقيون يتساءلون والحرب في طريقها إلى الانتهاء : أين الكيماوي المزدوج ؟ وأين إحراق نصف إسرائيل ؟ أين الانتصار المزعوم ؟ بل لماذا صدام ممتنع عن استخدام السلاح الفتاك ؟ وماذا ينتظر ؟ وأين هو الآن وقد ترك الجيش فريسة في يد الحلفاء ؟ وإذا كان يعرف نتيجة المعركة فعلام هذه التضحيات والخسائر ؟ بهذه الأسئلة وغيرها تعالت أصوات العراقيين منددة ومتوعدة النظام ، فأخذوا يسبون صدام ويلعنونه بشكل علني ، من دون خوف أو تردد . وللمرة الأولى يعبر العراقيون بهذا الحجم الكبير عن استيائهم وبغضهم للنظام ، وما من أحد يتعرض إليهم ! ووسط ذلك الضجيج والجو الملتهب أذاعت " الإذاعة العراقية السرية المتنقلة " فجر السادس والعشرين من شهر شباط ( فبراير ) 1991 م أمر صدام حسين بانسحاب القوات العراقية من الكويت . وما إن سمعه العراقيون وتأكدوا من حقيقة الأمر ، حتى بادروا إلى طرح سؤالهم الأخير قبل أن يعلنوا ثورتهم على النظام : إلى متى نبقى ساكتين على مهازل هذا الطاغية ، الذي لم يجلب لنا في سياساته سوى الويلات والمحن ؟! وما هي إلا ساعات تمر على وقف النار بين العراق والحلفاء في 28 شباط ( فبراير ) 19911 م وإذا بالعراقيين ينقضون على النظام فجر الأول من آذار ( مارس ) 1991 م ، وهو الشهر الذي يطلقون عليه " شهر آذار شهر الهزايز والأمطار " ليهتز العراق من الفاو في أدنى جنوبه إلى زاخو في أقصى شماله ، في واحدة من أعظم الانتفاضات العراقية في القرن العشرين .
بداية الانتفاضة :
بدأت الانتفاضة في أهوار جنوب العراق قبل أن تعلن أية مدينة عراقية انتفاضتها ضد النظام ، حين تحركت مجموعات من الثوار الهاربين من الخدمة العسكرية ، واللاجئين إلى هذه المناطق ، فشهروا أسلحتهم في وجه عناصر السلطة ومقراتها ، وراحوا يحررون المناطق واحدة تلو الأخرى ، ولم يواجهوا في كثير من الأحيان مقاومة تذكر ، ووصلوا خلال 24 ساعة إلى حافات المدن المطلة على الأهوار ، ووصلت أخبارهم عبر المسافرين إلى المدن الأخرى ، في الوقت الذي كان رجالها يستعدون ويخططون للتحرك ضد النظام . وفي اليوم التالي ، الثاني من آذار تحركت مدينة البصرة ، التي انطلقت انتفاضتها من منطقة " الحيانية " ومعها الناصرية والعمارة ، ثم مدينة النجف الأشرف في الثالث من آذار ، لتتبعها بقية المحافظات .. وهكذا انتشر لهيب الانتفاضة إلى مدن العراق ، لتعم الجنوب ، ولتنتقل في ما بعد إلى الشمال . وكلما كانت مدينة تحقق انتصارا على السلطة تدفع مدينة أخرى إلى الإسراع في إعلان انتفاضتها . وككل حدث تاريخي مهم له بداياته ، يحلو لمن أرخوا الانتفاضة أن يجعلوا لها شرارة أولى ، مصورين الأمر وكأن الانتفاضة ما كانت لتقوم لولا شرارتها الأولى ، التي ينسبون إشعالها إلى ضابط في الجيش العراقي رجع مهزوما من حرب الكويت ، فوقف أمام جدارية ضخمة لصدام حسين في البصرة ، وبعد أن عاتبه على تسببه في الهزيمة المنكرة التي ألحقها بالجيش وجه سلاحه إلى الجدارية فأحتلها إلى ركام وسط جمهور غاضب .. معلنا بدء الانتفاضة العراقية !
شرارة الانتفاضة :
ففي أول تصريح يدلي به معارض عراقي ، روى السيد حسين محمد بحر العلوم ل " الحياة " في 11 آذار 1991 م : " أن ضابطا عراقيا مسؤولا عن كتيبة دبابات وصل إلى ساحة العشار في البصرة ، وهو يحمل ذل الهزيمة ، ووقف يخاطب تمثالا لصدام ويحمله مسؤولية هذه الهزيمة ، ودفع به الحماس إلى توجيه فوهة مدفع دبابته إلى التمثال وإطلاق قذيفة عليه ، فتفجر ساقطا . وعندها انطلقت الجماهير المحتشدة في الساحة تهتف له وبسقوط صدام . ثم امتدت التظاهرات إلى أطراف البصرة ، ومنها إلى العمارة والناصرية والسماوة والكوت وبقية مناطق العراق " . هذه القصة تتكرر - مع بعض الفوارق - لدى السيد محمد العباسي في كتابه " من زاخو إلى كربلاء " في الصفحة 16 منه ، لكنه لا يشير إلى مصدر الرواية ، تماما كما فعل السيد حسين بحر العلوم في تصريحه للحياة . أما الدكتور كنعان مكية ، فيروي القصة في كتابه " القسوة والصمت " صفحة 49 - 500 نقلا عن مصدرين . الأول : " كرونولوجية الانتفاضة التي وضعتها مؤسسة الخوئي القائمة في لندن " . والثاني : من تقرير باتريك بيشوب في صحيفة " الدايلي تلغراف " في 2 آذار ( مارس ) 1991 م . وعلى رغم اعتراف مكية بفشله في العثور على شاهد عيان يؤكد له ما حدث من أن " الشرارة الأولى في ساحة سعد " أو يكشف له " اسم القائد الذي قفز فوق الدبابة وأطلق النار على صورة صدام حسين " فإنه يؤكد على أن " رجلا كهذا وجد حقا ، وما حدث في البصرة في الساعات الأولى من 28 شباط ( فبراير ) 1991 م تحول إلى أسطورة عراقية بالفعل " . ليخلص في نهاية بحثه عن الشرارة الأولى إلى القول : " ذلك الزمن مضى الآن ، وكل العراقيين مدينون لضابط مجهول الاسم ، هو بطل انتفاضتهم ، بحقيقة انهم صاروا يملكون احتمال المستقبل " . ولم يترك إبراهيم نوار ( وهو كاتب مصري محايد ) كنعان مكية حائرا يبحث عن اسم الضابط الذي هشم جدارية صدام ، فذكر له اسمه في كتابه " المعارضة العراقية والصراع لإسقاط صدام " في صفحة 71 بأنه يدعى " حسين السامرائي " ، لكنه لم يوضح مصدر روايته مثلما حدد تاريخها في الثاني من شهر آذار ، وليس في الثامن والعشرين من شباط . وقد ذهب الدكتور وليد الحلي إلى أبعد من هذا في الخصوصيات حين حدد مذهب الضابط الذي فجر الانتفاضة ، من خلال تفجيره صورة صدام ، فقال في كتابه " العراق .. الواقع وآفاق المستقبل " صفحة 156 ما نصه : " وقد ذكرت لنا مصادر سنية عراقية مطلعة ، من أن بعض الضباط العراقيين الذين وجهوا قذائفهم صوب صورة صدام حسين في البصرة كانوا من المسلمين السنة " . ولم يفعل الدكتور عبد الحسين شعبان أكثر من أن ينسب تفجير الانتفاضة إلى الجيش العراقي ، من دون أن يحدد شخصا معينا فيه . فقد ذكر في كتابه " عاصفة على بلاد الشمس " صفحة 96 منه ما يأتي : " انفجرت الانتفاضة بعودة الجيش العراقي المنهزم ومصادفته صورة كبيرة لصدام حسين في البصرة بإطلاق رشقات رصاص من دبابة حولت وجهتها ، ثم امتدت وانتشرت الهبة الشعبية في المدينة ، وأخذت ملامح وبوادر انتفاضة شعبية بالبروز عند انتقالها إلى العديد من المحافظات العراقية في الوسط والجنوب ووصولها إلى كردستان " . وورد مثل هذه المعاني في التقرير الذي أصدرته منظمة " مراقبة الشرق الأوسط " في حزيران ( يونيو ) 1992 م وترجمه وراجعه الدكتور صاحب الحكيم ، وطبع عام 1993 م بعنوان " عذاب بلا نهاية " إذ جاء فيه : " بدأ الجنود الغاضبون العائدون من الجبهة بالثورة على النظام " . ويؤرخ انتفاضة البصرة في الأول من آذار ( مارس ) 1991 م استنادا إلى قصة الشرارة الأولى ، فيقول : " استنادا إلى معلومات من الناس ، التي لا يمكن التأكد منها ، فإن الانتفاضة بدأت عندما قام أحد قادة الدبابات برش زخات من مدفعية دبابته على صورة كبيرة لصدام حسين ، ويقال ان هذا قد أوقد شعلة الانتفاضة لدى الجنود والمدنيين والمعارضة الشيعية السرية " . وهكذا دخلت قصة الشرارة الأولى التاريخ ، مع ما تحمله من تناقضات وتضارب في الأقوال ، سواء في تحديد موقع حدوثها ، أو تاريخها ، أو أشخاصها ، ورددتها أدبيات المعارضة العراقية من دون أن تتحقق من صحتها . ولا تكاد تمر الذكرى السنوية للانتفاضة إلا ونجد ذكرا لهذه القصة في صحف المعارضة العراقية . وعلى رغم تشكيك بعض الرواة أنفسهم بصحتها نرى أرباب الصحف وكتابها يرسلونها إرسال المسلمات في كتاباتهم ، وإذا اعترض أحد قرائها عليهم لا يجد مكانا يوصل من خلاله صوته إلى الرأي العام !
شرارات الانتفاضة :
حقيقي إن المرء ليقف مذهولا أمام هذا التزييف الفاضح لحقائق التاريخ ، فإعلام الداخل في العراق يتكتم على ما جرى في آذار عام 1991 م ، وإذا أضطر إلى ذكر الأحداث ، فإنه يذكرها مرفقة بكل نعوت التشهير والتحقير والإساءة .. فمن جرائم " الغوغاء " في القتل والسلب والنهب وانتهاك الأعراض والحرمات ، إلى " صفحة الغدر والخيانة " . ومثقفو الخارج يسلبون الانتفاضة من أهلها الحقيقيين وينسبونها إلى الجيش ، من خلال اعتمادهم حادث تهشيم صورة صدام كبداية لتوقيتها .. وبين هؤلاء وأولئك ضاعت الحقيقة . لهذا فإننا نكتب اليوم لنرى ما إذا كان لكل ما قيل شيء من الواقع ، أو التأثير في حقيقة ما جرى في الانتفاضة العراقية . وإذا كان لهذه " الشرارة الأولى " كل ذلك المقدار من الأهمية ، بحيث تناقلت حدوثها وسائل الإعلام العربية والعالمية ، فإن ثلاث شرارات - في أقل تقدير - سبقت الشرارة الأولى في الحدوث إذا ما اعتمدنا الثاني من آذار 1991 م تاريخا لانتفاضة البصرة .
حدثت الشرارة الأولى صباح الثالث عشر من شهر شباط 1991 م حين خرج آلاف العراقيين من مسجد الهندي في مدينة النجف الأشرف ، لتشييع جثمان السيد يوسف الحكيم ( النجل الأكبر للمرجع الشيعي الأعلى السيد محسن الحكيم ) الذي وافاه الأجل خلال مرحلة القصف الجوي لدول التحالف ضد العراق . وقد وجد المشيعون فرصتهم في هذه المناسبة لإعلان الانتفاضة ضد نظام صدام . وما إن نزل الموكب المهيب من سوق الحويش وأصبح قبالة مرقد الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وسط المدينة حتى علت أصوات " الله وأكبر " أجواء المدينة ، ورددت هتافات ، ورفعت شعارات تندد بصدام ونظامه ، مستذكرين المآسي التي تعرض لها العراقيون ولا يزالون ، ومنهم أسرة آل الحكيم . كان النظام قد استنفر أجهزته الأمنية والقمعية في النجف ذلك اليوم . فشن على أثر ذلك حملة اعتقالات واسعة النطاق في صفوف المشيعين ، طاولت العشرات منهم ، وسارع إلى إخماد الانتفاضة في مهدها . وفي مساء ذلك اليوم أرسل السيد أبو القاسم الخوئي ( المرجع الشيعي الأعلى يومذاك ) في طلب لقاء مدير أمن النجف ، فسارع الأخير للاجتماع به في دارته . ومن أسرار ذلك اللقاء أن السيد الخوئي خاطب مدير الأمن قائلا : " أنتم في وضع محرج ولا تعرفون مصيركم في هذه الحرب ، وإنكم في حاجة إلى أن تتوددوا للناس ، لا أن تستمروا في معاملتكم السابقة لهم . لقد قام اليوم أفراد جهازكم باعتقال الكثيرين خلال التشييع .. وعليه فإني أطلب منك إطلاق سراحهم " . رد مدير الأمن : " إنهم ستة وثلاثون شخصا فقط ، سنطلق سراحهم بعد إكمال التحقيق معهم " . ونفذ مدير الأمن وعده ، فأطلق المعتقلين ، لكنه أبقى على واحد منهم قيد الإعتقال ( لأسباب لا مجال للحديث عنها الآن ) . في اليوم التالي انتشر خبر خبر شرارة النجف في العراق انتشار النار في الهشيم .. فكانت تلك بحق الشرارة الأولى التي سبقت بقية الشرارات قبل إعلان الانتفاضة ، وقد أشارت إليها الكاتبة البريطانية جولي فلنت في اوبزرف بتاريخ 24 شباط 1991 م ، أي قبل الانتفاضة بخمسة أيام .
أما الشرارة الثانية التي اشتعلت ، فكانت شرارة كربلاء حين زارها السيد الخوئي عصر الخميس الثامن والعشرين من شهر شباط في مناسبة دينية يحتفل بها الشيعة كل عام ، ليلة منتصف شهر شعبان . وكان ألوف العراقيين يزورون المدينة المقدسة ، وما أن رأوا موكب السيد الخوئي وسط المدينة قرب مرقدي الحسين بن علي وأخيه العباس ( عليهما السلام ) حتى دوت أصواتهم هاتفة بالصلوات . وعم الصياح المدينة ، وسمعت شعارات منددة بالنظام ، فاضطرت أجهزة السلطة إلى إطلاق النار على المتظاهرين ، وأغلقت أبواب المرقدين ، وخشي السيد الخوئي أن تتفاقم الأمور وتتطور إلى ما لا تحمد عقباه ، فأمر ولده بالإستدارة والعودة به إلى النجف الأشرف . وعلى المرء أن يتصور بأية صورة انتقل خبر شرارة كربلاء إلى سائر مدن العراق ، بعد إطلاق الرصاص وأثناء زيارة مرجع الشيعة للمدينة المقدسة ؟!
أما الشرارة الثالثة فهي تلك التي توهجت في أهوار الجنوب فجر الأول من آذار ، حين تحرك الثوار يحررون الأهوار من سلطة النظام كما ذكرنا من قبل . ثلاث شرارات لم نسمع أحدا ( من عراقيي الخارج ) يحدثنا عنها ، كما حدثونا عن شرارة الضابط العراقي في البصرة . والسبب هو أن في هذه الأخيرة قصة تحطيم صورة لطاغية مستبد أذاق العراقيين الأمرين . لكن البطولة تفقد معناها حين يصبح تحطيم الصور ملهاة يلهو بها الكبار والصغار على حد سواء ! لقد حطم ملايين العراقيين أكثر من مليون صورة وجدارية ونصب وتمثال وساعة ( فيها صورة صدام ) وكتاب لصدام حسين ، قبل أن يقدم الضابط المهزوم على تهشيم صورة صدام في البصرة . وكانت المهمة الوحيدة التي كلفت بها أجهزة السلطة والحزب قبل " أم المعارك " وخلالها هي حراسة جداريات صدام ونصب وتماثيل ، لأن معضمها كان تعرض للتلف والمهانة .. فضلا عما آل إليه مصير المتبقي منها في الانتفاضة ، ولهذا كان من أشد الأمور وطأة على العراقيين أن يعثروا على صورة لصدام ، يوم استعادت السلطة سيطرتها على المدن المنتفضة ، إذ دخلت بيوت الناس ومحلاتهم ولم تجد صورة صدام معلقة على الجدران . ظروف ودوافع وأسباب كثيرة مهدت للانتفاضة العراقية وأشعلتها ، لذلك لا يصح القول أن العراقيين " مدينون جميعا لضابط مجهول الاسم هو بطل انتفاضتهم " . |