محاولة إغتيال القشلة |
داعش الإرهابي دمّر بمعاول فكره العفن مئات المعالم الآثارية في العراق والتي تعود لآلاف السنين وتحكي قصة أقدم حضارة عظيمة وعريقة في العالم تم بنائها على أرض الرافدين, وقد أدموا قلوبنا بهذا العمل الجبان الذي لاقى استنكاراً من جميع بلدان العالم وخسارتنا من جرّاء هذا العمل لايمكن تعويضها أبداً. أليوم قامت وزارة السياحة والآثار بعمل مستهجن لايختلف في اعتقادي كثيراً عن ماقام به داعش وهو محاولة اغتيال معلم حضاري وأثري وثقافي جميل في العاصمة بغداد وهو بناية القشلة حيث تفاجئت الأوساط الثقافية المتواجدة في شارع المتنبي في يوم الجمعة الماضي بمنع دخول القنوات الفضائية العراقية والعربية والأجنبية التي تقوم بتغطية النشاطات الثقافية المختلفة من دخول بناية القشلة مالم يدفعوا مبلغاً قدره مائة ألف دينار وبموجب وصل رسمي من الدائرة المختصة بذلك, وأشيع بأن وزارة السياحة تنوي اتخاذ إجراءات في القريب العاجل بجعل عملية الدخول لبناية القشلة بموجب تذاكر لقاء مبالغ مالية تستوفى من أي شخص يريد الدخول وهذه القرارات إن دلّت على شيء فإنما تدلّ على نيّة الوزارة بمحاربة الثقافة والمثقفين وخنق حرية الصحافة والإعلام لأن شارع المتنبي بكل مرافقه بمافيها بناية القشلة أصبحت ملتقى ثقافي وكرنفال أدبي وإعلامي ذاع صيته في جميع بلدان العالم حيث يلتقي فيه نخبة طيبة من المثقفين بمختلف صنوفهم الأدبية والفنية والثقافية يأتون من جميع المحافظات العراقية لعرض نشاطاتهم وتبادل خبراتهم المتنوعة والتعبير عن آرائهم فأصبح المتنبي في يوم الجمعة كرنفالاً جميلاً ورائعاً وصارت طقوسه متنفساً للمثقفين ومحطة لقاء رائعة لايصال رسالة للعالم بأن العراق صاحب أقدم الحضارات في العالم لايزال موجوداً وبخير وان العراقي لايزال متمسك بالقيم الثقافية والفنية والأدبية الراقية رغم كل المآسي والحروب والدماء والآلام التي تمرّ عليه يومياً, وان المثقف العراقي ينبض بالحياة في وسط التفجيرات والمفخخات ولايزال متمسك بالأمل ببناء عراق جديد آمن مليء بالسلام والثقافة والحب, ومن خلال لقائاتنا المستمرة بالنخب الثقافية العربية والأجنبية التي تزور العراق للاشتراك في المهرجانات والمحافل الثقافية نجد إصراراً من تلك الشخصيات لزيارة شارع المتنبي لكثرة ماسمعوه عن جمال هذا الملتقى الأدبي الرائع. دعوتي الى رئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان ووزارة السياحة ونقابة الصحفيين بسرعة إلغاء هذا القرار الذي يسيء للثقافة ولحرية الإعلام وإبعاد شارع المتنبي وكافة مرافقه عن التدخلات الحكومية والإجراءات والقرارات غير المدروسة المرتجلة ومنع اتخاذ مثل هذه القرارات مستقبلاً لأنه المكان الوحيد الذي نتنفس فيه عبق الحرية نحيث لتقي كل جمعة ونتبادل الآراء وننسى فيه ولو لسويعات قليلة جراحاتنا الكثيرة التي كنتم أنتم وخلافاتكم ومصالحكم السياسية السبب فيها. ختاماً أود تذكير وزارة السياحة والآثار بأن بناية القشلة كانت مهجورة ومهملة لعشرات السنين تسرح فيها القطط والكلاب السائبة ومن أعاد الحياة لها ولجدرانها القديمة فهم مثقفو العراق بأحاسيسهم ومشاعرهم وقصائدهم ولوحاتهم ومقالاتهم ونشاطاتهم الثقافية ولم يكن لكم أي دور في ذلك. |