العبادي .. يرهن العراق وأجياله القادمة للمؤسسات المالية الدولية |
بداية أتوّجه بالشكر الجزيل والامتنان لجناب النائبة حنان الفتلاوي التي زوّدتني بهذه الأرقام الصادمة التي تعكس حجم الكارثة التي تنتظر العراق وتعكس خطورة ما تقوم به حكومة رئيس الوزراء العبادي التي رهنت البلد وأجياله القادمة إلى المؤسسات المالية الدولية , وفي هذا الصدد لا بدّ للرأي العام العراقي أن يقف على حجم الكارثة التي أوقع البلد بها سيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي , من خلال ربطه البلد بهذا الحجم من الديون الخارجية , والأخطر من كل هذا انخفاض الاحتياطي النقدي العراقي بهذا الشكل الخطير الذي من شأنه أن يعرّض قيمة العملة العراقية إلى الانهيار , فقد حان الوقت ليطلّع الرأي العام العراقي على حقيقة الوضع الاقتصادي والمالي للدولة العراقية خلال فترة الثلاث سنوات الماضية من عمر توّلي السيد العبادي لرئاسة الحكومة في العراق , فحين استلم السيد العبادي رئاسة الوزراء من سلفه نوري المالكي , كانت ديون العراق الخارجية والداخلية تبلغ 70 مليار دولار من ضمنها ديون نادي باريس وديون دول الخليج وصندوق تعويضات الكويت والدائنون التجاريون الكبار , وكان الاحتياط النقدي العراقي 81 مليار دولار , لكنّ ديون العراق الخارجية والداخلية قد ارتفعت إلى 126 مليار دولار حاليا أي بزيادة قدرها 56 مليار دولار خلال ثلاث سنوات فقط , من غير القرض البريطاني الجديد البالغ 12 مليار دولار , فإذا ما أضيف هذا القرض الجديد فسيصبح مجموع الدين العراقي 138 مليار دولار أي بزيادة قدرها 68 مليار دولار عمّا كانت عليه حين استلم السيد العبادي السلطة عام 2014 , أمّا الاحتياطي النقدي فهو الآخر قد انخفض من 81 مليار دولار إلى 38 مليار دولار حاليا , علما أنّ السيد المالكي حين استلم السلطة عام 2006 كان الاحتياطي النقدي 14 مليار دولار فقط . ولعلّ السبب الرئيس الذي دفع حكومة العبادي للتوّجه نحو القروض الخارجية والداخلية والسطو على الاحتياطي النقدي , هو العجز الكبير في الموازنات العامة للسنين 2015 و 2016 و 2017 , فالأزمة المالية التي نتجت بسبب الانخفاض الكبير في أسعار النفط العالمية وتكاليف الحرب على داعش , هي من أهم أسباب هذا العجز , إضافة إلى انعدام السياسات المالية والاقتصادية الرشيدة التي من شأنها تخفيض حجم العجز المالي في الموازنات العامة , فمثلا أنّ موازنات 2015 و 2016 قد اعتمدت أرقاما مبالغ بها وغير واقعية لسعر النفط في هذه الموازنات , فالعجز الحقيقي لهذه الموازنات يتجاوز بكثير العجز المخطط , وربّما يصل إلى 60% من حجم الموازنة , وهذا مما دفع حكومة العبادي لسد هذا العجز الهائل من خلال الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية والسطو على الاحتياطي النقدي للبلد , وإذا ما أضفنا الديون الجديدة التي ترّتبت على البلد بعد عام 2014 إلى حجم الانخفاض في الاحتياط النقدي فسوف يصبح الرقم 99 مليار دولار من غير القرض البريطاني الجديد البالغ 12 مليار دولار , وهذا يعني أن حكومة السيد العبادي قد اعتمدت في سد النقص الكبير في الأموال على القروض الخارجية واحتياطي البلد من العملات الصعبة , ولم تقوم بأي إجراءات وسياسات اقتصادية ومالية حكيمة ورشيدة لمواجهة هذه الأزمة المالية , في الوقت الذي ينبغي مواجهة هذه الأزمة المالية من خلال سد كل الثغرات التي تؤدي إلى تسرّب المال العام , واتباع سياسة شد الأحزمة على البطون وإيقاف كل الاستيرادات الكمالية غير الضرورية والاعتماد على المنتوج المحلي , وإعادة النظر في كل القوانين العاطفية التي تسببت بهدر كبير للمال العام , وتشريع قوانين صارمة وقاسية لمن تثبت عليه تهمة سرقة المال العام , نشاهد أنّ الفساد المالي والإداري والسطو على المال العام قد ازداد أضعافا مضاعفة وبشكل أكبر وأكبر بالرغم من الأزمة المالية التي يمرّ بها البلد , وهذا ناتج عن ضعف الرقابة من قبل مؤسسات الرقابة المالية وفساد هيئة النزاهة , وعدم ملاحقة من يثبت فساده كما حصل مع الوزراء الذين أقيلوا بسبب ثبوت فسادهم وسرقاتهم للمال العام , وعدم الاعتماد على أبناء البلد الأكفاء والمخلصين بسبب نظام المحاصصات القميء , في الختام أقول .. إنّ سياسة ربط العراق بالقروض الخارجية للمؤسسات المالية الدولية , سترهن البلد وأجياله القادمة إلى هذه المؤسسات , ناهيك عن تدّخلات هذه المؤسسات في القرار الوطني والانتقاص من السيادة الوطنية بسبب الشروط المجحفة التي تفرضها هذه المؤسسات على هذه القروض . |