لم تتعرض طبقة سياسية الى النقد والتجريح مثلما تعرضت الطبقة السياسية العراقية اذ أنها وطوال الأربعة عشر عاماً كانت قد وضعت من قبل عموم العراقيين في زاوية محصورة للنقد، لكن الواقع يفرض علينا القول أن الطبقة السياسية ليست هي وحدها في العراق قد وضعت نفسها في مثل هكذا زوايا، اذ أن عموم القطاعات ولأسباب محلية ودولية واقتصادية وسياسية وأمنية قد تعرضت للفشل في تقديم ما يرضي الجمهور فوضعها هكذا ووضع نفسه في حال الجلد المستمر للذات. ان ازدياد النقد للطبقة السياسية أفقدها في واقع الحال الحساسية للتعامل مع الواقع بشكل صحيح، اذ لم يعد العديد من السياسيين يأبهون لهذا النقد ولا يعدلون مسيرتهم على وفق وقعه، وان كان جارحاً. لذا نراهم يخطؤون من جديد في الاستعداد المبكر للانتخابات على الرغم من وضع البلاد الحالي وظروف القتال في الموصل حيث التوجه من البعض غير القليل الى الشارع ليس لطرح المشاريع الانتخابية التي يفترض أن تكون الاساس في اقناع الناخب في دورة الانتخاب المقبلة كما تفعل الطبقات السياسية في العالم الحر، بل التصارع والتسقيط والضرب المبرح تحت الحزام. ان هذا النوع من الصراع البيني لكسب الاصوات خطأ يرتكبه البعض من الساعين الى التبكير في رسم الخارطة السياسية للدورة الانتخابية القادمة، لأن الجمهور العراقي في الواقع قد مل التخندق والتسقيط ودفع الرشى، وهو جمهور متعب سيفتش عن حلول وعن الاصلاح لواقع حال يراه مؤلماً، لذا يكون من المتوقع أن يحظى السياسيون والكتل التي تقدم رؤية حلول عملية لواقع معقد شائك بفرص أكثر من الساعين للتسقيط، ومن المتوقع أن يطالب هذا الجمهور ساسته التقليديين بعرض برامج أكثر واقعية، وعلى وفق هذا ستشهد الساحة نتائج فيها تغيير عن واقع النتائج السابقة وان لم تكن حاسمة لتغيير المشهد الذي سيبقى قريبا من المشهد الحالي، وسيحصل الاصلاحيون على فرص أكثر من زملائهم الراديكاليين الذين ارتكبوا أخطاء كانت من بين الاسباب التي أدت بالعراق الى أن يكون هكذا عراقاً غير مستقر في كل مجالات العيش والحياة. وعلى نفس الاتجاه من التوقع فان الشعب العراقي صاحب المصلحة الفعلية في التغيير الى الأحسن اذا ما حشر نفسه في الصراعات الجارية بين البعض فانه سيكون هو وحده من يدفع الثمن المضاف الى الثمن المدفوع، على هذا يفترض به أن ينزع الغشاوة من على عقله شبه المخدر طائفياً، وينطلق بصيغ اختيار غير التي اعتاد على اعتمادها في السابق وأدت به الى عدم الاستقرار... صيغ يعي من خلالها من هو الافضل والانزه والاخلص للعراق لكي يسهم في انطلاقة مناسبة من جديد، تساعده على العبور الى الجانب الآخر من الحياة، وبعكسه سيبقى هكذا مساهماً في الخطأ دافعا الثمن الى حين.
|