عزيزي المعمم بعضهم وليس جميعهم

نعم ،ليس وظيفتك أن تتحدث عن اسم الله في بيضة الدجاجة او اسم الله في القمر او عن رويات خيالية او عن ارقام فلكية او عن احداث لم نعرف مدى دقتها، ليس من حقك أبدا ان تحول الدين الى أسطورة، وليس من حقك ان تخلق أعداء الحاضر مستندا الى رويات ضعيفة كتبت في دهاليز ظلام التأريخ.

ولايقترب من الصواب ان تحول العقول التى تحوم حول منبرك الى عقول لأتعرف الشك ولا سؤال ولا قول لماذا وكيف وأين ومتى؟ وليس من حقك أيها المعمم ان تجبر الناس على العيش قبل مئات السنين، نحن اولاد الحاضر والمستقبل ومن الماضي لانأخذ الا ماينفعنا في الحاضر والمستقبل، ليس وظيفتنا ان نكره الاخر المختلف مذهبيا ودينيا .

مافائدة العيش في الماضي المختلف ؟ مافائدة ان ننحن في المفترقات وننسى المتفقات؟ نحتاج الى المعمم العصري، المعمم الذي يشع الحياة والبناء والتمسك بالمبادئ الانسانية العامة.

مضى الوقت واندثر على المعممين الذين ينتجون التطرّف المذهبي انتاجا مفخخا وتتحول خطبهم في اليوم الثاني مفخخات تحصد ارواح الأبرياء ومضى الوقت واندثر على المعمم الذي لايجيد اللغة الانسانية ولايعرفون سوى اللغة الاحادية التي لاتؤمن بالرأي الاخر المختلف لافائدة مرجوة من المعمم الذي يظن ان كلامه هو الحقيقة الوحيدة في هذا العالم.

المعمم الجيد هو الذي يحث الناس على ان رضا الله في بناء هذه الارض التي جعلنا فيها حلفاء، الله لايريدنا أيتام الماضي والتأريخ وصراعاته، المعمم الجيد الذي يحث الناس على القراءة والبحث والثقافة والخروج من قضبان الثقافة السمعية.

نحتاج الى ان نعرف ان المنبر والجامع والمسجد والحسينية من السهل ان تتحول الى منطلقات لنشر الاعتدال والتسامح والفكر الوسطي وثقافة الاخر والإيمان بضرورة وجود المختلف اذا راجعنا خطاب رجال الدين وإذا وضع الوقفات الشيعي والسني والمرجعيات الدينية ضوابط واضحة تقيد من انتشار الفكر المتطرف او الفكر الاحادي.
واحدة من ابرز اخطاء تجربة ٢٠٠٣ اننا نظن ان الفكر المذهبي المتطف هو جزء من حرية الرأي ونسينا ان هذا الفكر يتحول الى عبوات وأحزمة ناسفة اذا لم نقطعع انتشاره بنشر المعممين المعتدلين والانسانيين الذين يؤمنون ان الدم على الاختلاف تهتز له عرش السماء!