كتب السيد فضل الله (رض) التي منعها صدام بالامس تُمنع اليوم في العراق |
كانت كتب السيد فضل الله رضي الله عنه ممنوعة ايام صدام، بذريعة انها كتب طائفية، وتمنع كتبه اليوم بذريعة انها مضلله، حقيقة بعد هذا الالتباس لا نعلم من نصدق ومن نكذب، وهنا تحضرني قصة الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن ابي بن سلول رضي الله عنه، عندما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان اباك، اي المنافق عبد الله بن ابي بن سلول، يقول: لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعزُّ منها الاذلَّ، قال: صدق فانك بابي انت وامي يا رسول الله الاعزُّ وهو الاذلُّ، فاقول صدق صدام لان كتب السيد فضل الله هدامة لطغيانه، ويصدق الذين يمنعونها اليوم لانها !!!. لقد كان السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله مجددا، استطاع بثاقب فكره ان ينير مساحات اريد لها ان تبقى مظلمة، اراد ان يخرج الاسلام من عتمة التقليد الى رحابة الاجتهاد والابداع، ويحرر العقل من سطوة الطقوس ليطلقه في سماء الشعائر، كشف عن وجه اسلامي ناصع حقيقي، يعرفه الخصوم جيدا، ويُبحث في مراكز العدو الدراسية وجامعاته، فهو الوجه الذي يرعب اعداء الاسلام، فاراد العدو الصهيوني ان يغيب ذلك الوجه النقي للاسلام، وحاول اغتياله اكثر من مرة، وكانت المجزرة المروعة التي ارتكبت في مسجد الامام الرضا (ع) في بئر العبد بضاحية بيروت الجنوبية عام 1985م، وراح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى من المصلين، كانت واحدة من محاولات اسرائيل لاغتيال السيد، ولكنها لم تفلح . كان مرجعا مثقفا ومفكرا واجتماعيا وشموليا، مثقف لانه مشارك بفعالية حقيقة في جدلية المعرفة/ السلوك، على مستوى المجتمع الاسلامي عموما، ومجتمعه اللبناني خصوصا، فمعارفه محايثة لسلوكه، وليست مفارقة على الاطلاق، وسلوكه محايث لمعرفة وليس مفارقا على الاطلاق، ومفكر لانه يترفع بخطابه على ازمات الايديولوجيا، محلقا في فضاءات الاسلام الواسعة، يقدر كل شيوخ الدين ويقتبس من كل فقهائه، الا ان مرجعيته القران الكريم والسنة الشريفة، فهو كجده علي بن ابي طالب عليه السلام، الذي احب الشيخين، اقصد ابا بكر وعمر رضي الله عنهما، الا انه عندما عرضت عليه الخلافة بشرط ان يحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وطريقة الشيخين، ابى ان يحكم الا بكتاب الله وسنة رسوله، ليس انتقاصا من مكانة الشيخين، ولكن تاكيدا على ان لا مرجعية في الاسلام الا كتاب الله وسنة رسوله، وهو اجتماعي لانه حاضر على ساحة مجتمعه لا حاجب بينه وبين الناس، ابوابه مشرعة للجميع، يلتقي الجميع مرحبا، ولا يخرج احدا من لقائه خالي الوفاض، فمنهم من يقضي حاجته، ومنهم يودعه بكلمة طيبة، ومنهم من ينصحه، ومنهم من يجيب عن تساؤله، كان حريصا على لقاء كل من يريد لقائه ما استطاع، ولم اجد في لبنان الذي تناحرت فيه الطوائف وتقاتلت فيه الاحزاب، شخصية اجمع المجتمع كله على تقديرها اكثر من شخصية السيد محمد حسين فضل الله، فقد حضرت يوما احدى محاضراته وكان عنوانها يدور حول الاسلام والفن والادب، وفي طريقي الى قاعة المحاضرة رايت احدهم، وهو وكاتب وناقد ادبي وفني اعرفه من الصحف التي نكتب فيها، واعرف انه شخص غير متدين، بل لا علاقة له بالدين، ولكنه يدافع عن الوطن والحرية ومقاومة الاحتلال، فسألته ان كان هنا بهدف الاستماع الى محاضرة السيد، فقال نعم، ثم اردف، وكأنه عرف معزى تساؤلي، قائلا: انا اقدر هذا السيد لانه يقدم الاسلام جميلا، وعلى الرغم من ان كلام هذا الناقد ليس سوى بضاعة كاسدة بالنسبة لي، الا انه زادني اعجابا بالسيد، وهو شمولي فهو يقدم الاسلام وسط عالمية صاخبة، تتعالى فيها اصوات الايمان والالحاد، العقل والنقل، الفلسفة والوحي، الحرية والالتزام، وسط كل هذه الاصوات كان يصر على ان يُسمع صوت الاسلام، ووسط كل هذا الركام كان يصر على ان يُعلي صرحه، فمعظم الذين يزورون بيروت، من اجانب وعرب، من ذوي الاهتمام الفكري الثقافي يحرصون على لقائه، ومما اذكره في هذا السياق ان شخصية اردنية متدين معارض للملك، الا انه تقيم في الاردن، زار بيروت يوم الجمعة، وكان حريصا على ان لا تفوته صلاة الجمعة، وهو سني وبيروت مليئة بساجد السنة والشيعة، إلّا انه صلاها خلف السيد فضل الله، في مسجد الحسنين (ع)، وقال بعد انقضاء الصلاة : ابكاني السيد في قراءته وفي قنوته وفي دعائه . |