تعديل قانون الانتخابات

هنالك اتفاق شعبي وسياسي على تغيير أو تعديل قانون الانتخابات الذي يمثل بوابة بناء الديمقراطية في أي بلد، لأنه على ضوء هذا القانون ترسم الخريطة البرلمانية التي عادة ما تكون غايتها التمثيل الحقيقي لأصوات الناخبين في العراق.
وحقيقة الأمر ان قانون الانتخابات الذي أفرز لنا مجلس النواب الحالي لم يكن منصفا للكثير من المرشحين حيث وجدنا في المحصلة النهائية أن هناك مرشحين نالوا أصواتا كثيرة لكنها لم تسعفهم في الجلوس تحت قبة البرلمان، بينما جلس غيرهم بأصوات أقل بسبب قانون الانتخابات. الاتفاق الشعبي تمثل بمطالب المتظاهرين في أكثر من مناسبة وتظاهرة، والاتفاق السياسي برز بشكل واضح وسريع من خلال تقديم رئاسة الجمهورية لمشروع قانون الانتخابات الذي ناقشته الكتل السياسية تحسبا لطرح آرائها الصريحة في جلسات البرلمان التي ستشهد حالات شد وجذب كثيرة تكون غايتها بالأساس إبقاء حصص الأحزاب الكبيرة على حساب الأحزاب الأخرى التي ربما لن تجد من ينصرها في جلسات البرلمان بسبب غيابها التام عن السلطة التشريعية التي يقع على عاتقها سن القوانين أو تعديلها.
من هنا نجد أن مناقشة القانون المناسب لانتخابات مجلس النواب يجب أن ينطلق من نقطة مهمة جدا تتمثل بأن الدستور العراقي يؤكد على ان هناك ممثلا في البرلمان لكل مئة ألف نسمة وبالتالي يمكننا أن نجد في قانون الانتخابات دوائر انتخابية متعددة داخل المحافظة الواحدة أو حتى داخل القضاء الواحد، أي جعل كل مئة ألف نسمة دائرة انتخابية تفرز الفائز الذي يحصل على أعلى الأصوات أو تقسيم مقاعد المحافظة الواحدة على أقضيتها وفق نسب السكان، وقد يقول البعض إن هنالك تقاطعات في الحدود الإدارية بين المحافظات والأقضية لم تحسم بعد، ونحن نجد أن الأمر يقتصر على مناطق قليلة جدا ومعدودة ولا تشمل كل العراق وبالإمكان إيجاد آليات مناسبة لها. لهذا علينا أن نقول بأن التحول الديمقراطي في العراق يعبر عن أهداف وتطلعات غالبية أفراد المجتمع في بناء دولة وطنية حديثة تكون فيها أصوات الناخبين ورغباتهم وتطلعاتهم هي المقياس الحقيقي للتمثيل النيابي وان أفضل الخيارات تتمثل بتمثيل شامل لكل ناخب بعيدا عن تهميش الأحزاب السياسية ذات التوجهات المدنية والتي يمكن لها أن تحصد مقاعد مهمة في البرلمان ومجالس المحافظات. 
لهذا نجد بأن على مجلس النواب السعي لتلبية رغبات الشعب العراقي وليس امتصاص النقمة عبر محاولة إجراء تعديل لا يضر الأحزاب الكبيرة ولا ينفع الأحزاب الصغيرة أو الغائبة عن السلطة التشريعية.  وعلى القوى السياسية الساعية لبناء نظام ديمقراطي حقيقي يمثل إرادة الناخب أن تنظر للأمر بعيون ديمقراطية بعيدة عن التحزب الفئوي أو حتى الطائفي خاصة وان رسالة الانتخابات الحقيقية تكمن في إيصال رسالة للعالم بأن العراق بلد ديمقراطي والبرلمان يمثل كل الشعب العراقي.