أجراس الذاكرة- وصفي التل لايجلس على التل 78

هو: وصفي مصطفى وهبي صالح مصطفى التل (1919- 28/11/1971) . ينتمي الى عشيرة التل شمال الأردن (خاصة مدينة أربد) وهو ابن الشاعر مصطفى وهبي ،.رئيس وزراء الأردن ثلاث مرات ، ووزير دفاع أثناء أحداث ايلول . عمل سفيراً لبلاده في المانيا الاتحادية (بون) حتى عام 1961 ، حيث عُين سفيراً للاردن في العراق نهاية ذلك العام . وبعد من الشخصيات المقربة جداً من الملك حسين.

 

جريدة العهد الجديد

 

وأثناء عمله في العراق ، نشرت جريدة (العهد الجديد) افتتاحية تحت عنوان: وصفي التل لايجلس على التل . فما هي قصة هذه الافتتاحية؟.

 

بداية نذكر أن (العهد الجديد) جريدة مًنحت الامتياز في (7/12/1960)، وصاحبها: الصحفي زكي أحمد . وتوصف بأنها مؤيدة لسياسة الزعيم عبد الكريم قاسم . وحدث اشتباك اعلامي بين هذه الجريدة من جهة ، والسفارة الأردنية في العراق من جهة أخرى.

 

أول سفير

 

ومن الوقائع ذات الصلة نذكر : بعد (14/تموز/1958 ) ، شهدت العلاقات بين البلدين الشقيقين الجارين قطيعة تامة . وبعد تطورات داخلية في العراق ذات صلة بمنهج الزعيم عبد الكريم قاسم ، جرت إتصالات بعيدة عن الأضواء بين القيادتين :العراقية والاردنية ، أفضت الى عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين . وهكذا عُيِن وصفي التل سفيراً للاردن في العراق ، بل ويعُتبر أول سفير للملكة الاردنية الهاشمية في العراق بعد14/تموز/1958. وتسمية هذه الشخصية المهمة ذات الامتداد العشائري والطابع الأمني ، يعكس ما يعلقه الملك الاردني الحسين بن طلال على العلاقات المستجدة بين العراق والاردن.

 

وباشر السياسي التل مهامه . دون أن ننفي وجود عدم ترحيب في الشارع السياسي الجمهوري بعودة العلاقات بين البلدين ، كما نستبعد وجود حذر في التعامل بين الحكومتين .هذه الاوضاع المحيطة بمباشرة وصفي التل مهامه كسفير ، تُفصح عن ان مهمته صعبة . فهو كشخصية غير مرحب بها من العراقيين ، على أن نستثني منهم : أنصار الملكية . ومع أن عدد ونوع الملكيين لا يُستهان به، الا أن أنصار الجمهورية في الشارع وفي الدولة ، هم الاقوى .

 

مقومات الفشل

 

المهمة كما قلنا صعبة . كيف يستطيع سفير ليست له علاقات ثقة متبادلة مع الوضع العراقي القائم ، أن يعيد بناء ما تداعى من علاقات بين البلدين؟. كانت توقعات الفشل أكثر من توقعات نجاح التل . وحدث ذات مرة ، أن السفير وصفي التل ، قد عقَب على موضوع نشرته (العهد الجديد) . وكان تعقيبه حاداً.وهو ما اعتبرته الجريدة استفزازاً وتدخلاً بالشأن العراقي . لذلك ردت (العهد الجديد)

 

بعنف على التل ، بأفتتاحية حملتْ عنوان: ( وصفي التل لا يجلس على التل ). ونالت الجريدة من شخصية وصفي التل ، خاصة ماضيه الامني .

 

النتيجة …

 

وكنتيجة لهذا السجال المتبادل ، ولأن جريدة(العهد الجديد)، مقربة من الزعيم ، ولابد ان يكون ما كتبته يعبر عن رضاه ، لكل ذلك قامت الحكومة الاردنية بسحب سفيرها من بغداد بعد مدة قصيرة من هذا السجال الاعلامي ، لكن التل كلِف بتشكيل الحكومة الاردنية . ولقي مصرعه في القاهرة في الفندق الذي كان فيه ، لحضور اجتماع رسمي عربي . وكان مصرعه قد اقترن بمشهد مروِع .إذ ان القاتل ، بعد تنفيذ عملية الاغتيال ، شرب من دم الضحية. وهذا يوضح مدى الاحتقان السائد في كل الحقب .

 

حقاً : الراحل وصفي التل .. لم يجلس على التل ، بل عاش في قلب الاحداث..

 

وهذا حال الدنيا : يوم لك .. ويوم عليك؟!.