قدرة العراقيين المبهرة .. كانت وستكون

إستطاع العراقيون العاملون في جنيف من الحصول على قائمة الشركات المتعاملة مع الكويت،مباشرة، أو الشركات الثانوية، أو  التي إدعت الضرر، أو التضرر، نتيجة دخول العراق الكويت عام 1990، ولا تسأل كيف أمكن لهم ذلك. وفئة الشركات هي احدى  الفئات التي صنفتها لجنة الامم المتحدة للتعويضات التابعة لمجلس الأمن للتعويض للجهات ذات العلاقة، حكومية وغير حكومية، أفراداً وجماعات، للكويت ولغير الكويت. وهذه الشركات التي قد أدعت الضرر، أو التضرر، من دخول العراق الكويت، سواءً بعضها، قد تضرر بوجه حق، وكثير منها بدون وجه حق، وكانت كاذبة، ومدعية، ومتصيدة من الوضع الذي وجد نفسه العراق فيه. وتقدمت هذه الشركات بسرية تامة الى لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، للحصول على تعويض مناسب، جراء ما تدعي إنها تضررت به. حفاظاً على مواقعها في العراق من أن تتعرض للخطر، فيما لو تم كشفه للعراق. كانت هذه القائمة محاطة، أيضاً، بسرية تامة، بل تكاد أن تكون سرية المعلومة في هذه اللجنة، على العراق، من لجنة قانونية شبه سياسية،  أكثر ما تتعامل معه مؤسسة أمنية، أو إستخبارية، وليس، كما يفترض أن تكون عليه، كونها مؤسسة من مؤسسات الأمم المتحدة، المعروف عنها سهولة الحصول منها على المعلومة، بسلاسة، ويسر، ودون عناء يذكر، كما يعرفه من إختص بالتعامل مع مؤسسات الأمم المتحدة في العالم.

أخذ العراق يتعامل مع هذه الشركات، عندما تتقدم الى الجهات الحكومية، أو القطاعات الأخرى، من خلال تدقيق اسماء الشركات المتقدمة مع قائمة الشركات الموجودة لديه. في قسم التعويضات في وزارة الخارجية، وكانت ترفض عروضها مهما كانت، ميسرة، أو مفيدة، أو من شركات مهما كانت سمعتها العالمية، كبيرة، أو واسعة. ولا تعلم هذه الشركات السر في آلية الرفض. لكنها في حقيقة الأمر، هي تعلم ولا تستطيع أن تبوح، والعراق، لا يخفي ذلك، يعلم الشركات السبب، ولا يخشى في ذلك أحد، أو لعله تشفياً، بالشركات، وبلجنة التعويضات التي إخترقها، بكفاءة. أعلم في حينها، كمثل على ذلك، إن شركة كتربيلر العالمية الشهيرة، قد تقدمت على مشروع  مقاولة ما في العراق، وعند تدقيق أسمها في قائمة الشركات، وجد إنها قد تقدمت بمطالبة الى لجنة الأمم المتحدة للتعويضات بضرر أصابها مبلغه ثلاثة آلاف وخمسمائة دولار أمريكي، إستطاع ممثلها، وهو من عائلة تجارية مشهورة في العراق، أن يصل الى الموظف المختص، كان المسؤول موظفاً صغيراً، لكنه كان يحتمي بسطوة الدولة، ولا يخشى أحداً على الإطلاق، قال إئتني  بقرار إستثناء، ولكنه يعلم أن ذلك من الصعوبة بمكان. عرض ممثل الشركة اي مبلغ تطلبه الحكومة جراء رفع ذلك الحظر عنها، لكنه لم يفلح، لصدور قرار الحظر على الشركة.

أعتمد العراق أسلوباً خاصاً مع هذه الشركات، هو، أن تعمد هذه الشركات قبل التقدم الى أي مناقصة في العراق، الى تبييض سجلها، وذلك من خلال سحب مطالبتها من لجنة الامم المتحدة للتعويضات. أو أن تقوم بدفع مبلغ التعويض للعراق، لمن كسب مطالبة تقدم بها سابقاً، وبذلك كسر العراق طوقاً كان عليه، من خلال هذه الفئة من التعويض، وصل الامر باللجنة أن تشيع، رداً على ذلك، أنها بصدد التقدم الى مجلس الأمن لإستصدار قرار منه، يفيد أن العراق يعرقل تطبيق قرارات مجلس الأمن الخاصة بالتعويضات.

إن هذا الإرث الكبير، الذي كانت عليه الدولة حينذاك، ما كان يجب أن يهمل، وإن عليها أن نقف لحظة تأمل، لإعادة العراق الى ما كان عليه، من خلال إتاحة الفرصة لها، وليس للذين سوف يرفدونها بخبراتهم، وبإمكانياتهم. وأن لا تأخذها عزة بالإثم، من تسريح كفاءات هي بأمس الحاجة اليهم. لقد صرفت الدولة ملايين الدولارات من أجل تهيئة، وإعداد هؤلاء، وصرفت الوقت، والإمكانيات. وحان الوقت لدعوة كل من له المقدرة لدعم الدولة،  حتى وإن تقدم بهم العمر، كإستشاريين، ولقد سقنا مثل التعويضات، لإظهار قابليات العراقيين في ظل حصار مدمر للعراق، وتأمر شرس على أرضه، ومياهه، وأمواله. لم تتوقف قدرة العراقيين عن العمل الدقيق. وإن إعادة إعمار العراق، وبنائه من جديد، بعد مرحلة داعش تتطلب تضافر الجهود، والعمل دون أي حساسية، أو أدنى شعور بالنقص، وبأخلاص وطني، مجرد. فلقد كان كافيا حصيلة ما جناه العراق من التشرذم، والنقص بالخبرات، وبالعقول، نتيجة سياسات يجب الإعتراف بخطئها، بشجاعة. من أجل بداية من خط شروع، ما بعد داعش، من خط شروع واضح، يتساوى فيه الجميع، على حد سواء ..  وليحفظ الله العراق.