عندما وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمر منع العراقيين ورعايا دول أخرى من دخول الأراضي الأمريكية جن جنوننا وكأننا حلفاء لواشنطن دون أن نسأل أنفسنا هل نحن حقا حلفاء لها أم أعداء؟ وقبل أن نجيب على هذا السؤال أنهى الرئيس الأمريكي هذا الجدل ووقع قرار الاستثناء والذي حذف بموجبه العراق من قائمة الدول المحظور دخول مواطنيها للأراضي الأمريكية،وهذا يعني إن واشنطن تتعامل مع العراق كحليف هذا الحليف المشكوك فيه أمريكيا وفي نفس الوقت المرغوب به على المدى المتوسط والبعيد. وبالمقابل إن نسبة عالية من العراقيين يرتابون في مصداقية أمريكا نحو العراق، أمريكا التي كان بإمكانها أن تجعل العراق أنموذجا للديمقراطية والتنمية معا في منطقة تعج بالأنظمة الاستبدادية التي وقفت ضد مشروع الديمقراطية في العراق واكتفت واشنطن بالتفرج حينا،وحينا آخر تدير أزمات البلاد التي احتلتها وفق ما تقتضيه مصالحها وأحيانا كثيرة مصالح حلفائها التقليديين.

 

وأيضا نحن في العراق أضعنا فرصة أن نكون حلفاء لواشنطن والسبب في ذلك يكمن بعدم وجود ساسة حقيقيين في العراق يتصرفون وفق ما تمليه مصالح العراق أرضا وشعبا،بل ما موجود لدينا (أشباه ساسة) مكلفين من دول الجوار العراقي بإدارة شؤوننا وفق ما تريده هذه الدول التي تقاسمت ساحة العراق الواسعة لتتحارب علينا بدمائنا نحن وهي وحدها تجني الثمار فيما نقطف نحن سنوات الضياع التي افرزت لنا من الشهداء والأيتام ما يكفي علما إن دول جوارنا هي أذناب لأمريكا وبالتالي نحن أرتضينا التعامل مع أتباع واشنطن دون أن نفكر بالذهاب لواشنطن مباشرة ودون إستئذان هذا وذاك .

 

الشعب العراقي يحتاج لحليف قوي مثل أمريكا، العراق اليوم غير محسوب على معسكر قوي، بل هو في وسط تصارع القوى الكبرى منها والصغرى،ولا نبالغ إذا ما قلنا إن العراق ضحية حكامه الذين فرطوا بفرص كثيرة في السنوات الماضية كان يمكن من خلالها ان نتجاوز الكثير من المحن التي مررنا بها ونفوت الفرصة على دول الجوار أن تتقاتل على أرضنا بدمائنا.

 

بالعودة لإلغاء الحظر المفروض على العراقيين بالسفر لأمريكا،نجد إنه رسالة أمريكية من ترامب شخصيا لنا كعراقيين بأننا مرغوب بنا أمريكيا وما علينا سوى أن نرد على هذه الرسالة بأحسن منها ونوطد علاقتنا بأمريكا التي تنتظر منا مبادرات تعزز تحالفنا معها،على من يصنع السياسة في العراق أن ينظر للأمر من زوايا عديدة أولها إن الشعب العراقي يحتاج أن يعيش بإمان وأن تكون هنالك تنمية وإزدهار في دولته،وأن يتم إعمار المدن التي دمرتها قوى الإرهاب المدعومة من دول الجوار وما بعد الجوار، نحن نحتاج لأن نعزز التحالف الستراتيجي مع واشنطن وأن نصبح مثل كوريا واليابان والأمارات والسعودية والكويت والبحرين وقطر، وهذه الدول العربية لديها علاقات (عسلية) مع واشنطن لكنها تسعى لأن تحرمنا من هذه العلاقات لأسباب عديدة أبرزها بالتأكيد إنها تخشى عراقياً قوياً إقتصاديا وفكريا وإجتماعيا،وهذه الدول لديها علاقات متينة مع إيران لكنها لا تريد أن تكون علاقتنا بإيران قوية، لهذا نحن في منطقة صراع هذه الدول التي لا تختلف فيما بينها لكنها تختلف أمامنا فقط وتظهر العداء لبعضها بعضا أمامنا فقط، لكنها في الواقع متفقة على أشياء كثيرة بدليل إنها لا تصطدم مع بعضها بعضا وتترك التصادم لنا فقط أي إننا نتصادم فيما بيننا من أجلهم.